وأبو البختري هو سعيد بن فيروز الطائي لم يسمع من أبي سعيد الخدري، وبينهما رجل، فقد رواه أحمد (١١٨٦٨) من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن رجل، عن أبي سعيد، فذكره.
والقول قول شعبة كما قال الدارقطني في العلل (١١/ ٣٥٤)، وفيه رجل مبهم.
وفي الباب عن عبد الله بن مسعود قال: انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في قبة حمراء من أدم في نحو من أربعين رجلا فقال: "إنكم مفتوح عليكم منصورون ومصيبون فمن أدرك ذلك منكم فليتق الله وليأمر بالمعروف، ولينه عن المنكر، وليصل رحمه، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ومثل الذي يعين قومه على غير الحق كمثل بعير ردي في بئر فهو ينزع منها بذنبه".
رواه أحمد (٣٨٠١ و ٣٦٩٤)، وأبو داود (٥١١٧، ٥١١٨)، والترمذي (٢٢٥٧)، وابن ماجه (٣٠) كلهم من طرق عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، فذكره. والسياق لأحمد في الموضع الأول، ومنهم من اختصره.
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
قلت: سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أبيه محل خلاف، والصحيح أنه لم يسمع من أبيه إلا أربعة أحاديث، وليس هذا منها إلا أن لبعض فقراته أصول صحيحة، وتصحيح الترمذي وغيره يعود إلى أن الحديث من أهل البيت وهم معروفون، وليس فيهم متهم.
فائدة مهمة: الضوابط في الإنكار على المنكر:
قال العلامة ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين (٣/ ٤): "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله، وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم؛ فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر.
فإنكار المنكر أربع درجات؛ الأولى: أن يزول ويخلفه ضده، الثانية: أن يقل وإن لم يزل بجملته، الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله، الرابعة: أن يخلفه ما هو شر منه؛ فالدرجتان الأوليان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة.
[٢ - باب التحذير من أن يأمر الإنسان بالمعروف ولا يأتيه، وينهى عن المنكر ويأتيه]
قال الله تعالى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: ٧٩].
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢، ٣].
• عن أسامة بن زيد، قال: قيل له: ألا تدخل على عثمان فتكلمه؟ فقال: أترون