لأنه أحفظهم مطلقًا وزاد عليهم، وأبو معاوية وإن كان أحفظ أصحاب الأعمش -فاعتمد مسلم على روايته- لكنه لم يجزم بالعدد، وقدّم البخاريّ رواية الثوريّ لزيادتها ولجزمها.
وقوله:"ابتلينا فجعل الرّجل لا يصلي إلا سرًّا" فلعله كان في بعض الفتن التي جرت بعد النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فكان بعضهم يخفي نفسه، ويصلي سرًّا مخافة من الظّهور والمشاركة في الدّخول في الفتنة والحروب. قاله النووي في شرح مسلم.
[٢٩ - باب الاستثناء في الإيمان]
قال الأوزاعيّ: قال اللَّه تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}[سورة الفتح: ٢٧]. قال: قد علم اللَّه تعالى أنهم سيدخلون، وقد قال:{إِنْ شَاءَ اللَّهُ}.
• عن أبي هريرة، أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أتى المقبرة فقال:"السّلام عليكم دارَ قومٍ مؤمنين، وإنّا إن شاء اللَّه بكم لا حقون، وددتُ أنّا قد رأينا إخوانَنا". قالوا: أولسنا إخوانَك يا رسول اللَّه؟ قال:"أنتم أصحابي، وإخوانُنا الذين لم يأتوا بعد". فقالوا: كيف تعرفُ مَنْ لم ياتِ بعدُ من أمتك يا رسول اللَّه؟ فقال:"أرأيت لو أنّ رجلًا له خيلٌ غُرٌّ مُحجّلةٌ. بين ظهري خيل دُهْم بُهْم، ألا يعرف خيله؟ " قالوا: بلى يا رسول اللَّه. قال:"فإنّهم يأتون غرًّا محجّلين من الوضوء، وأنا فرطُهم على الحوض. ألا لَيُذادَنَّ رجالٌ عن حوضي كما يذادُ البعيرُ الضّال، أناديهم: ألا هلُمَّ! فيقال: أنّهم قد بدَّلوا بعدك. فأقول: سُحْقًا سُحْقًا".
صحيح: رواه مسلم في الطهارة (٢٤٩) من طرق عن إسماعيل بن جعفر، أخبرني العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.
قال سفيان:"من كره أن يقول: أنا مؤمن إن شاء اللَّه فهو عندنا مرجئي -يمدّ بها صوته-".
وقال رجل لعلقمة: أمؤمن أنت. قال:"أرجو إن شاء اللَّه".
قال البيهقي في "شعب الإيمان"(١/ ٨٣): "وقد روينا هذا عن جماعة من الصّحابة والتّابعين والسّلف الصّالح رضي اللَّه عنهم أجمعين".
وأما ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعًا:"إنّ من تمام إيمان العبد الاستثناء أن يستثنى فيه" فهو موضوع، ذكره ابن الجوزيّ في الموضوعات (٢٨٤).
وكذلك ما رُوي عن أنس مرفوعًا:"صنفان من أمّتي لا تنالهما شفاعتي: المرجئة والقدرية". قيل: يا رسول اللَّه: من القدرية؟ قال:"قوم يقولون: لا قدر". قيل: فمن المرجئة؟ قال: "قوم