قلت: الصواب أنه حسن فقط، فقد اختلف في عبد الله بن محمد بن عقيل؛ فضعفه يحيى بن معين. ووثّقه العجلي فقال: مدني تابعي جائز الحديث. وجعله الحافظ في مرتبة "صدوق في حديثه لين، ويقال: تغير بآخره".
ولما قال ابن منده:"حديث منة لا يصح عندهم من وجه من الوجوه؛ لأنه من رواية ابن عقيل، وقد أجمعوا على ترك حديثه" ردّ عليه ابن التركماني قائلًا: "واعلم أن هذا من ابن منده عجيب؛ فإنَّ أحمد وإسحاق والحميدي كانوا يحتجون بحديثه، وحسن البخاري حديثه، وصحّحه ابن حنبل والترمذي كما تقدم، وقد ذكرنا فيما مضى أن الترمذي صحّح في أبواب الفرائض حديثًا آخر وحسنه، وفي سنده ابن عقيل". "الجوهر النقي"(١/ ٣٣٩).
ولكن شكّ البخاري في سماع ابن عقيل من إبراهيم؛ فأجاب ابن التركماني: بأن ابن عقيل سمع من ابن عمر وجابر وأنس وغيرهم، وهم نظراء شيوخ إبراهيم، فكيف يُنكر سماعه منه. انتهى. انظر للمزيد:"المنة الكبرى"(١/ ٢٢٧ - ٢٢٩).
وقوله:"ركضة من ركضات الشيطان" قال الخطابي: "أصل الركض الضرب بالرِّجل، والإصابة بها، يريد به الإضرار والإفساد، كما تركض الدابة وتصيب برجلها. ومعناه - والله أعلم -: أن الشيطان قد وجد بذلك طريقًا إلى التلبيس عليها في أمر دينها ووقت طهرها وصلاتها حتَّى أنساها ذلك؛ فصار في التقدير كأنه ركضة نالتها من ركضاته. وإضافة النسيان في هذا إلى فعل الشيطان كما هو في قوله تعالى:{فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ}[سورة يوسف: ٤٢] وكقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن أنساني الشيطانُ شيئًا من صلاتي فسَبِّحوا" أو كما قال، أي: إن لبَّس عليَّ". (معالم السنن: ١/ ٨٩).
[١٩ - باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة]
• عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حُبَيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسولَ الله! إنِّي امرأة أُستحاضُ فلا أطْهر؛ أفأدعُ الصلاةَ؟ قال:"لا؛ إنَّما ذلك عِرقٌ، وليستْ بالحيضة، فإذا أقبلت حيضتكِ فدعي الصلاةَ، وإذا أدبرتْ فاغْسِلي عنكِ الدمَ ثمَّ صلِّي".
قال: وقال أبي: ثمَّ توضَّئي لكلِّ صلاةٍ حتَّى يجيء ذلك الوقت.
متَّفقٌ عليه: رواه البخاري في الوضوء (٢٢٨) عن محمد، قال: ثنا أبو معاوية، ومسلم (٣٣٣) عن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية، مقرونًا بعبد العزيز بن محمد. ومن طرقٍ أُخرى كلُّهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة .. فذكرت الحديثَ. واللفظ للبخاري. ومحمد هذا غير منسوبٍ، ولأبي ذرٍّ:"هو ابن سلام".