محمد بن علي بن عبد الله بن عباس إنما عهد يروي عن أبيه عن جده ابن عباس كما جاء ذلك في صحيح مسلم - في صلاته - صلى الله عليه وسلم - من الليل".
وقال مسلم في كتاب "التمييز": "لا نعلم له سماعًا من جده ولا أنه لقيه". ولم يذكر البخاريّ ولا ابن أبي حاتم أنه يروي عن جدّه، وذكر أنه يروي عن أبيه" انتهى. انظر: "نصب الراية" (٣/ ١٤).
ولم يخرج هذا الحديث الشافعيّ في "الأم" إلا أنه نفي أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل المشرق ذات عرق، وقال: أخبرنا الثقة عن أيوب، عن ابن سيرين أن عمر بن الخطاب وقّت ذات عرق لأهل المشرق. وقال: وهذا عن عمر بن الخطاب مرسلًا. وذات عرق شبيه بقرن في القرب بيلملم. ولو أهلوا من العقيق كان أحب إليّ. "الأم" (٢/ ١٣٨).
فالظاهر من قوله هذا أنه لم يبلغه إليه توقيت عمر بن الخطاب إلا مرسلًا؛ فلذا لم يقل به، ولو جاءه موصولًا كان أحرص الناس للأخذ به، وبالله التوفيق.
قال البيهقي في الصغرى (١٤٩٧): "وبين العقيق وذات عرق يسير، وقد استحب الشافعي للإحرام منه".
ونقل النووي في "المجموع" (٧/ ١٩٧ - ١٩٨) فقال الشافعي في المختصر والمصنف، وسائر الأصحاب ولو أحرم أهل الشرق من العقيق كان أفضل، وهو واد وراء ذات عرق مما يلي المشرق.
وقال أصحابنا: والاعتماد في ذلك ما في العقيق من الاحتياط. قيل: وفيه سلامة من التباس وقع في ذات عرق؛ لأنّ ذات عرق قرية خربت وحول بناؤها إلى جهة مكة، فالاحتياط الإحرام قبل موضع بنائها الآن. قالوا: ويجب على من أتي من جهة العراق أن يتحرى ويطلب آثار القرية العتيقة ويُحرم حيث ينتهي إليها.
قال الشافعي: "ومن علاماتها المقابر القديمة، فإذا انتهى إليها أحرم. واستأنس المصنف والأصحاب في ذلك ما ذكرناه من الاحتياط بحديث توقيت العقيق السابق والله أعلم".
٤ - باب ما جاء أنّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وقّت لأهل العراق ذات عرق
• عن ابن عمر قال: لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَر فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّ لأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا؟ قَالَ: فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْق.
صحيح: رواه البخاري (١٥٣١) عن علي بن مسلم، حدّثنا عبد الله بن نمير، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، به.
قوله: "المصران" تثنية مصر والمراد بهما الكوفة والبصرة وهما بالعراق.
قال البيهقي في "معرفة السنن والآثار": "يشبه أن يكون عمر لم يبلغه توقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات