إلى أن قال: فلو لم يرد إلا هذا لكان عده في الصحابة صوابًا، ولكن ورد أنه ارتدّ في زمن عمر ... ".
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن المسور بن مخرمة قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفات، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:"أما بعد، فإنّ أهل الشّرك والأوثان كانوا يدفعون من هذا الموضع إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوهها، وإنا ندفع بعد أن تغيب. وكانوا يدفعون من المشعر الحرام إذا كانت الشمس منبسطة".
رواه الطبراني في الكبير (٢٠/ ٢٤ - ٢٥) عن العباس بن الفضل الأسفاطي، ثنا عبد الرحمن بن المبارك العيشي، ثنا عبد الوارث بن سعيد، عن ابن جريج، عن محمد بن قيس، عن المسور بن مخرمة، قال (فذكره).
ورواه الحاكم (٣/ ٥٢٣ - ٥٢٤) من هذا الوجه إلا أنه أدخل بين عبد الوارث بن سعيد، وبين ابن جريج "شعبة".
وقال:"صحيح على شرط الشيخين". وقال:"قد صحّ وثبت بما ذكرته سماع المسور بن مخرمة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا كما يتوهمه رعاع أصحابنا أنه ممن له رواية بلا سماع".
١٣٤ - باب ما جاء في عدد حجّات النبيّ - صلى الله عليه وسلم -
• عن زيد بن أرقم: أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - غزا تسعَ عشرةَ غزوة، وأنّه حجَّ بعد ما هاجر حجّة واحدة لم يحجّ بعدها، حجّة الوداع.
قال أبو إسحاق: وبمكة أخرى.
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٤٠٤)، ومسلم في الحج (١٢٥٤)، كلاهما من طريق زهير (هو ابن معاوية أبو خيثمة)، حدّثنا أبو إسحاق (هو السبيعي)، حدثني زيد بن أرقم، به. واللفظ للبخاريّ. قول أبي إسحاق:"وبمكة أخرى".
قال الحافظ في الفتح (٨/ ١٠٧): "وغرض أبي إسحاق أن لقوله: "بعد ما هاجر" مفهوما وأنه قبل أن يهاجر كان قد حجّ لكن اقتصاره على قوله: "أخرى" قد يوهم أنه لم يحج قبل الهجرة إلّا واحدة، وليس كذلك بل حجَّ قبل أن يهاجر مرارًا بل الذي لا أرتاب فيه أنّه لم يترك الحجّ وهو بمكة قطّ لأنّ قريشًا في الجاهليّة لم يكونوا يتركون الحجَّ وإنما يتأخر منهم عنه من لم يكن بمكة أو عاقه ضعف، وإذا كانوا وهم على غير دين يحرصون على إقامة الحجّ ويرونه من مفاخرهم التي امتازوا بها على غيرهم من العرب، فكيف يظن بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه يتركه؟ ! وقد ثبت من حديث جبير بن مطعم أنه رآه في الجاهلية واقفا بعرفة وأن ذلك من توفيق الله له، وثبت دعاؤه قبائل العرب إلى الإسلام بمنى ثلاث سنين متوالية كما بينته في الهجرة إلى المدينة".