وقد رُوي عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، "أنه كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة. قبل له: تشرب من الصّدقة؟ فقال: إنّما حرّمت علينا الصّدقة المفروضة".
ذكره البغويّ في شرح السنة (٦/ ١٠٣) ولكن فيه إبراهيم بن محمد يرويه عن جعفر بن محمد، ومن طريقه أخرجه البيهقيّ (٦/ ١٨٣)، وإبراهيم بن محمد متروك.
وقد أجاز بعض المحقّقين من أهل العلم أخذ الصدقة بنوعيها إذا حُرموا من سهم ذوي القربي لعدم وجود الجهاد. انظر للمزيد "المنة الكبرى" (٣/ ٢٦٠).
• عن ابن عباس، قال: بعثني أبي إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في إبلٍ أعطاها إيّاه من الصَّدقة.
صحيح: رواه أبو داود (١٦٥٣، ١٦٥٤) بإسنادين: أحدهما عن محمد بن عبيد المحاربيّ، حدّثنا محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس، فذكره.
والثاني: عن محمّد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة، قالا: حدّثنا محمّد -وهو ابن أبي عبيدة-، عن أبيه، عن الأعمش، عن سالم، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس، نحوه وزاد: "أبي يبدلها له". والإسنادان صحيحان، والأعمش روي عن شيخين، ثم هما رويا عن كريب مولي ابن عباس.
معنى الحديث: قال الخطابي: "وهذا لا أدري ما وجهه، والذي لا أشك فيه أن الصّدقة محرّمة على العباس، والمشهور أنه أعطاه من سهم ذوي القربي من الفيء، ويُشبه أن يكون ما أعطاه من إبل الصّدقة، إن ثبت الحديث فضاء عن سلف كان تسلفه منه لأهل الصّدقة، فقد رُوي أنّه شُكي إليه العباس في منع الصّدقة، فقال: "هي عليَّ ومثلها" كأنه كان قد تسلّف منه صدقة عامين، فردّها أو ردّ صدقة أحد العامين عليه لما جاءته من إبل الصّدقة.
فروى الحديث من رواه على الاختصار من غير ذكر السبب فيه، والله أعلم".
وقال البيهقيّ: "هذا الحديث لا يحتمل إلا معنيين: أحدهما أن تكون قبل تحريم الصدقة على بني هاشم، ثم صار منسوخًا، والآخر أن يكون استسلف من العباس للمساكين إيلا ثم ردّها عليه". بذل المجهود (٨/ ١٩٧).
٣ - باب ترك استعمال آل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الصّدقة
• عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث حدَّثه، قال: اجْتَمَعَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالا: وَاللهِ! لَوْ بَعَثْنَا هَذَيْنِ الْغُلامَيْنِ قَالا لِي وَلِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَلَّمَاهُ فَأَمَّرَهُمَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ فَأَدَّيَا مَا يُؤَدِّي النَّاسُ وَأَصَابَا مِمَّا يُصِيبُ النَّاسُ، قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمَا فِي ذَلِكَ جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَوَقَفَ