ليعذِّبنَّه عذابًا لا يُعذّبه أحدًا من العالمين، فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم به، فأمر اللَّه البر فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، ثم قال: لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: من خشيتك يا ربّ وأنت أعلم. قال: فغفر له".
متفق عليه: رواه مالك في الجنائز (٥٢) عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
ورواه البخاريّ في التوحيد (٧٥٠٦)، ومسلم في التوبة (٢٧٥٦) كلاهما من حديث مالك، بإسناده مثله.
• وعن عقبة، أنه قال لحذيفة: ألا تحدثنا ما سمعتَ من النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: سمعتُه يقول: "إنَّ رجلًا حضره الموتُ، لما أيس من الحياة أوصى أهله: إذا متُّ فأجمعوا لي حطبًا كثيرًا ثم أوروا نارًا، حتى إذا أكلتْ لحمي وخلصتْ إلى عظمي، فخذوها فاطحنوها، فذرُّوني في اليمّ في يوم حار -أو راح-، فجمعه اللَّه، فقال: لم فعلتَ؟ قال: خشيتُك! فغفر له". قال عقبة: وأنا سمعته يقول.
صحيح: رواه البخاريّ في الأنبياء (٣٤٧٩) عن مسدّد، عن أبي عوانة، عن عبد الملك بن عُمَير، عن ربعي بن حِراش، قال: قال عقبة (فذكره).
وعقبة هو ابن عمرو، وكان يقول: ذاك كان نبّاشًا.
ورواه البخاريّ بهذا الإسناد قصة الدَّجال أيضًا، وهو الذي أخرجه أيضًا مسلم في كتاب الفتن (٢٩٣٥) ولم يذكر قصة الرجل، فمن عزاه إلى الصحيحين فقد وهم. انظر: بقية هذا الباب في كتاب التوبة.
[٤٤ - باب لا إكراه في الدين]
• عن ابن عباس في قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [سورة البقرة: ٢٥٦] قال: كانت المرأةُ من الأنصار لا يكاد يعيش لها ولد، فتحلفُ: لئنْ عاش لها ولد لتهوِّدنَّهُ. فلما أُجْليتُ بنو النَّضير إذا فيهم ناس من أبناء الأنصار. فقالت الأنصار: يا رسول اللَّه، أبناؤنا، فأنزل اللَّه هذه الآية {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}.
قال سعيد بن جبير: فمن شاء لحق بهم، ومن شاء دخل في الإسلام.
صحيح: رواه ابن حبان في صحيحه (١٤٠) عن إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببُست، قال: حدثنا حسن بن عليّ الحلْوانيّ، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده صحيح، ورجاله ثقات، وأبو بشر هو جعفر بن إياس بن أبي وحْشية كان من أثبت