فارتحلنا بعد ما مالت الشمس، واتبعنا سراقة بن مالك، فقلت: أُتينا يا رسول الله. فقال: "لا تحزن، إن الله معنا". فدعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فارتطمت به فرسه إلى بطنها -أرى- في جلد من الأرض -شك زهير- فقال: إني أراكما قد دعوتما عليَّ، فادعوا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - فنجا، فجعل لا يلقى أحدا إلا قال: كفيتكم ما هنا، فلا يلقى أحدا إلا رده. قال: ووفى لنا.
متفق عليه: رواه البخاري في المناقب (٣٦١٥)، ومسلم في الزهد والرقائق (٢٠٠٩ - ٧٥) كلاهما من طريق زهير بن معاوية، ثنا أبو إسحاق، قال: سمعت البراء بن عازب يقول: فذكره. وهذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم نحوه.
• عن أنس، عن أبي بكر قال: قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا في الغار: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرَنا، فقال: "ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟ ".
متفق عليه: رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٦٥٣)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٣٨١) كلاهما من طريق همام، ثنا ثابت، ثنا أنس بن مالك، أن أبا بكر الصديق حدثه قال: فذكره.
وهذا لفظ البخاري، وزاد مسلم في أوله: "نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار، فقلت: يا رسول الله، لو أن أحدهم ... " فذكره.
وروي عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر: "أنت صاحبي على الحوض، وصاحبي في الغار" رواه الترمذي (٣٦٧٠) عن يوسف بن موسى القطان البغدادي، حدثنا مالك بن إسماعيل، عن منصور بن أبي الأسود، حدثني كثير أبو إسماعيل، عن جميع بن عمير التيمي، عن ابن عمر فذكره.
وكثير هو: ابن إسماعيل أو ابن نافع النواء أبو إسماعيل التميمي ضعيف عند أهل العلم، وشيخه جميع بن عمير ضعيف أيضا عند جمهور أهل العلم.
اختلف أهل العلم في مدة مكثهما في الغار، فقال مجاهد: ثلاثة أيام.
وروي في حديث مرسل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مكثت مع صاحبي في الغار بضعة عشر يوما، ما لنا طعام إلا ثمر البرير" يعني: الأراك.
قال ابن عبد البر: هذا غير صحيح عند أهل العلم بالحديث، والأكثر على ما قاله مجاهد. "الاستيعاب (١٤٩٠) ".
٥ - باب ما جاء أن أبا بكر من أمَنّ الناس على النبي - صلى الله عليه وسلم - في صحبته وماله
• عن أبي سعيد الخدري قال: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إن الله خيَّر عبدا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله"، فبكى أبو بكر رضي الله عنه، فقلت في