نفسي: ما يبكي هذا الشيخ؟ إن يكن الله خيَّر عبدا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو العبد، وكان أبو بكر أعلمنا، قال:"يا أبا بكر، لا تبك، إن أمَنَّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوَّة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سُدَّ إلا باب أبي بكر".
متفق عليه: رواه البخاري في الصلاة (٤٦٦)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٣٨٢ - ٢) كلاهما من طريق أبي النضر، عن عبيد بن حنين، عن أبي سعيد الخدري قال: فذكره.
وزاد البخاري في روايته عن محمد بن سنان، ثنا فليح، ثنا أبو النضر، عن عبيد بن حنين، "عن بسر بن سعيد"، عن أبي سعيد الخدري.
فزاد بسر بن سعيد بين ابن حنين وأبي سعيد الخدري.
قال البخاري:"هكذا حدث به محمد بن سنان وهو خطأ، وإنما هو عن عبيد بن حنين، وعن بسر بن سعيد" يعني بواو العطف، فعلى هذا يكون أبو النضر سمعه من شيخين، حدَّثه كل منهما عن أبي سعيد.
قلت: روى البخاري في فضائل الصحابة (٣٦٥٤) من وجه آخر عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد -وفي مناقب الأنصار (٣٩٠٤) من وجه آخر عن أبي النضر، عن عبيد بن حنين- كلاهما عن أبي سعيد الخدري به نحوه.
• عن أبي الدرداء قال: كنت جالسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أما صاحبكم فقد غامر". فسَلَّم وقال: إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء، فأسرعت إليه، ثم ندمت فسألته أن يغفر لي، فأبى عليَّ، فأقبلت إليك، فقال:"يغفر الله لك يا أبا بكر". ثلاثا، ثم إن عمر ندم، فأتى منزل أبي بكر، فسأل: أثم أبو بكر؟ فقالوا: لا. فأتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسَلَّم، فجعل وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - يتمعر حتى أشفق أبو بكر، فجثا على ركبتيه، فقال: يا رسول الله، والله! أنا كنت أظلم، مرتين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟ ". مرتين، فما أوذي بعدها.
صحيح: رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٦٦١) عن هشام بن عمار، ثنا صدقة بن خالد، ثنا زيد بن واقد، عن بسر بن عبيد الله، عن عائذ الله أبي إدريس، عن أبي الدرداء قال: فذكره.
وفي لفظ: "كانت بين أبي بكر وعمر محاورة، فأغضب أبو بكر عمر، فانصرف عنه عمرُ مغضبا، فاتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل، حتى أغلق بابه في وجهه، فأقبل أبو بكر إلى