وقوله:{عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} هم من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك الأنبياء السابقون والمؤمنون بهم، وهو شبيه بقوله تعالى:{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}[الزمر: ٧٤].
١٦ - باب قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)}
قوله:{رَحْمَةً} شامل للإنس والجن والبهائم، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - رحمة للجميع.
• عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله! ادع على المشركين. قال:"إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة".
صحيح: رواه مسلم في البر والصلة والأدب (٢٥٩٩) من طرق عن مروان الفزاري، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، فذكره.
• عن عمرو بن أبي قرة، قال: كان حذيفة بالمدائن، فكان يذكر أشياء قالها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأناس من أصحابه في الغضب، فينطلق ناس ممن سمع ذلك من حذيفة، فيأتون سلمان، فيذكرون له قول حذيفة، فيقول سلمان: حذيفة أعلم بما يقول، فيرجعون إلى حذيفة، فيقولون له: قد ذكرنا قولك لسلمان، فما صدّقك ولا كذبك. فأتى حذيفةُ سلمانَ وهو في مبقلة، فقال: يا سلمان! ما يمنعك أن تصدّقني بما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال سلمان: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغضب، فيقول في الغضب لناس من أصحابه، ويرضى، فيقول في الرضا لناس من أصحابه. أما تنتهي حتى تورّث رجالا حبَّ رجال، ورجالا بغض رجال، وحتى توقع اختلافا وفرقة، ولقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب، فقال:"أيما رجل من أمتي سببته سبة أو لعنته لعنة في غضبي، فإنما أنا من ولد آدم، أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين، فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة". والله لتنتهين أو لأكتبن إلى عمر.
صحيح: رواه أبو داود (٤٦٥٩)، وأحمد (٢٣٧٠٦)، والطبراني في الكبير (٦/ ٣١٨ - ٣١٩) كلهم من طريق زائدة بن قدامة الثقفي، حدثنا عمر بن قيس الماصر، عن عمرو بن أبي قُرّة، قال: فذكره. وإسناده صحيح.
وعمرو بن أبي قرة من تلاميذ حذيفة، والحديث عن حذيفة، عن سلمان، ولا يضر عدم لقاء عمرو بن أبي قرة من سلمان.