سدًّا للذريعة، وبهذا علل عمر بن الخطاب عندما ضرب بِدُرّته تميمًا الداريَّ وهو يصلي بعد العصر فلما انتهى من صلاته قال: لِمَ ضربتي؟ قال: لأنّك ركعت هاتين الركعتين وقد نهيتُ عنهما. قال: إني قد صليتُهما مع من هو خير منك؛ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال عمر: إنه ليس بي إيّاكم أيّها الرّهط، ولكني أخاف أن يأتي بعدكم قومٌ يصلُّون ما بين العصر إلى المغرب حتى يمروا بالساعة التي نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُصلي فيها كما صلوا بين الظهر والعصر، ثم يقولون: قد رأينا فلانًا وفلانًا يصلون بعد العصر.
أخرجه الطبراني في الأوسط (٨٦٧٩) وفيه عبد الله بن صالح وفيه كلام إلا أنه حسن الحديث.
وكذلك وقعت هذه القصة مع زيد بن خالد أن عمر رآه يصلي بعد العصر ركعتين، فمشى إليه فضربه بالدرة وهو يُصلي، فلما انصرف قال: دعها يا أمير المؤمين! فوالله! لا أدعها أبدًا بعد إذ رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصليهما. فجلس إليه عمر فقال: يا زيد! لولا أني أخشى أن يتخذها الناس سُلَّمًا إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما.
رواه الإمام أحمد (١٧٠٣٦) وفيه رجال غير معروفين.
فمن رأى أن النهي في هذين الوقتين سدًّا للذريعة في الصلاة في وقت الكراهة لم يُحرم.
ومن تمسك بالنص العام ذهب إلى تحريم الصلاة في هذين الوقتين.
حكى الترمذي عن أكثر أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم، وهو قول مالك والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور.
ولم يذكر مسلم في صحيحه التعليل الذي ذكر في قصة عمر سدًّا للذريعة فقد رواه في صلاة المسافرين (٨٣٦) من حديث المختار بن فلفل قال: سألت أنس بن مالك، عن التطوع بعد العصر فقال: كان عمر يضرب الأيدي على صلاة بعد العصر. انتهى.
[٦ - باب ما جاء في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت]
• عن جبير بن مطعم يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تمنعوا أحدًا يطوف بهذا البيت، ويصلي أي ساعة شاءَ من ليل أو نهار".
وفي رواية: "يا بني عبد مناف! لا تمنعوا أحدًا".
حسن: رواه أبو داود (١٨٩٤)، والترمذي (٨٦٨)، والنسائي (٥٨٥)، وابن ماجه (١٢٥٤) كلهم من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، عن عبد الله بن باباه، عن جبير بن مطعم فذكره واللفظ لأبي داود. وإسناده حسن من أجل أبي الزبير.
ورواه ابن خزيمة في صحيحه (١٢٨٠) من هذا الطريق، ومن طريق ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع عبد الله بن باباه فذكر نحوه.