ورجاله كلهم ثقات سوى سائبة مولاة الفاكه الراوية عن عائشة فإنها لم يوثّقها سوى ابن حبان ولم يرو عنها غير نافع. والله أعلم.
وتتقوى هذه الرواية بما رواه النسائي (٢٨٣١) عن أبي بكر بن إسحاق: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة، قال: حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة عن سعيد بن المسيب: "أن امرأة دخلت على عائشة وبيدها عكاز فقالت. ما هذا؟ فقالت: لهذه الوزغ، لأن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حدثنا أنه لم يكن شيء إلا يطفئ على إبراهيم عليه السلام إلا هذه الدابة فأمرنَا بقتلها ونهى عن قتل الجِنان إلا ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يطمسان البصر ويسقطان ما في بطون النساء". وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات، والمرأة المبهمة لعلها سائبة مولاة الفاكه المذكورة في الرواية السابقة.
٤ - قول إبراهيم عليه السلام: "حسبي الله ونعم الوكيل" حين أُلقي في النار
قال الله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: ١٧٣].
وقال تعالى: {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ} [الصافات: ٩٧، ٩٨].
وقال تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨) قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠)} [الأنبياء: ٦٨ - ٧٠].
• عن عبد الله بن عباس: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد - صلى الله عليه وسلم - حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: ١٧٣].
صحيح: رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (٤٥٦٣) عن أحمد بن يونس أراه قال: حدثنا أبو بكر، عن أبي حصين، عن أبي الضحى، عن ابن عباس فذكره.
وفي لفظ له عن ابن عباس أيضا: كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار حسبي الله ونعم الوكيل.
رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (٦٥٦٤) عن مالك بن إسماعيل، حدثنا إسرائيل عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس .. فذكره.
وأما ما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لما ألقي إبراهيم في النار: قال: اللهم إنك في السماء واحد، وأنا في الأرض واحد أعبدك" فهو ضعيف.
رواه عثمان الدارمي في الرد على الجهمية (٧٥)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ١٩)، والخطيب في تاريخه (١٠/ ٣٤٦) كلهم من طريق أبي هشام محمد بن يزيد الرفاعي، حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي أبي يحيى، عن أبي جعفر الرازي، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة .. فذكره.