النصارى بأن دعوته كانت عامة للناس جميعا.
٩ - باب قوله: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٥٥)}
قوله: {مُتَوَفِّيكَ} أي: أوفى أجلك في الدنيا.
وقوله: {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} أي: رافعك بعد استيفاء أجلك في الدنيا إليَّ حيا، وهو ثلاث وثلاثون سنة.
هذا رأي جمهور أهل العلم بأن اللَّه تعالى رفع عيسى عليه السلام حيا إلى السماء قبل أن يصل إليه قومُه، وشُبّه لهم الاسخريوطي فصلبوه. لأن اللَّه تعالى قال في سورة النساء: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: ١٥٨] أي: رفعه حيّا.
وقال ابن عباس: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} أي: مميتك.
وقال غيره من أهل العلم: إنه توفاه اللَّه بعد ثلاث ساعات، أو ثلاثة أيام، أو سبع ساعات، ثم أحياه اللَّه تعالى، ورفعه إليه حيا.
وهذه الأقوال فيه محاكاة للنصارى الذين يزعمون أنه بعد الصلب دفن، ثم قام من قبره بعد ثلاثة أيام، وبقي يلتقي بتلاميذه أربعين يوما، ثم رفع إلى السماء.
ونقل ابن كثير عن الأكثر: أن المراد بالوفاة هاهنا النوم، كما قال اللَّه تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام: ٦٠] وقال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢)} [الزمر: ٤٢].
وقوله: {وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: رفعي إياك إلى السماء من اليهود الذين أرادوا إذلالك وإهانتك.
١٠ - باب قوله: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (٦١)}
• عن سعد بن أبي وقاص قال: لما نزلت هذه الآية: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} دعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: "اللهم هؤلاء أهلي".
صحيح: رواه مسلم في فضائل الصحابة (٢٤٠٤: ٣٢) من طرق عن حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: فذكره. والحديث بطوله مذكور