ومما يقال فيه أيضًا: إن إبراهيم عليه السلام لم يسأل عن نفس الإحياء، لأنه كان يعلم علما يقينا بأن اللَّه قادر على ذلك، ولكنه سأل عن هيئة الإحياء، وهو من قبيل زيادة العلم بالعيان.
وقوله:{فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} أي: اقطعهن واذبحهن.
روي عن ابن عباس:{فَصُرْهُنَّ} قال: هي بالنبطية: يعني: شققهن.
وقوله:{ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا} أي بعد الذبح اخلط أجزاء بعضهم ببعض، ثم اجعل جزءا من هذا الخليط على كل جبل.
وقوله:{ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا} لم يحد عدد الجبال، بل ترك الأمر إلى إبراهيم بأن يقسم أجزاء هذه الطيور على عدد من الجبال.
وقوله:{يَأْتِينَكَ سَعْيًا} أي يرجع كل جزء إلى جزئه ثم يأتين إبراهيم كامل الجسم، وقيل: كان رأس كل طير عند إبراهيم، فجاء كل جزء من الأجزاء الباقية إلى إبراهيم ويلحق برأسه فعادت كما كانت، فلما رأى إبراهيم ذلك قال: أعلم أن اللَّه عزيز حكيم.
• عن سليمان بن يسار قال: تفرق الناس عن أبي هريرة، فقال له ناتِلُ أهل الشام: أيها الشيخ حدّثنا حديثا سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: نعم سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:"إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن، ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع اللَّه عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار".
صحيح: رواه مسلم في الإمارة (١٥٢: ١٩٠٥) عن يحيى بن حبيب الحارثي، حدّثنا خالد بن