وقوله: {وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا} أي: بدون اكتساب وسعى منها.
وقوله: {قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أي: كرامة ومعجزة.
٧ - باب قوله: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (٣٨) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يصلي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (٣٩) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (٤٠) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (٤١)}
أي لما رأى زكريا أن اللَّه يرزق مريم بدون سعي منها طمع في الولد، وكان شيخا كبيرا، فدعا ربه.
وقوله: {ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} أي: ولدا صالحا، له ذرية ونسل وعقب.
وقوله: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} سيدا أي: متقدما في العبادة والصلاح.
وقوله: {وَحَصُورًا} أي: مشغولا بالعبادة، ولم يجد فرصة للزواج ليكون له نسل وعقب.
وأما تفسير أنه لا يشتهي النساء، أو أنه غير قادر على النكاح، أو أنه لا ذكر له، أو كان ذكره مقطوعا، أو كان مثل التراب، أو مثل هدبة الثوب، أو مثل الأنملة، فهذا كله عيب، وإنما يكون الفضل إذا كان قادرا عليه، ثم اختار لنفسه الاشتغال بالعبادة ومجاهدة النفس. فلم يجد فرصة للزواج إلى أن استشهد، لأن اللَّه وصفه بهذين الوصفين في مقام المدح، لا مقام النقص والذم.
قوله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (٤٦)}
• عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى، وصبي كان في زمن جريج، وصبي آخر".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأنبياء (٣٤٣٦) ومسلم في البر (٢٥٥٠) كلاهما من حديث جرير بن حازم، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، فذكره في حديث طويل، ذكر في موضعه.
٨ - باب قوله: {وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٤٩)}
أي كان عيسى عليه السلام دعا إلى التوراة التي أنزلها اللَّه تعالى على موسى عليه السلام، وإلى الإنجيل الذي أنزله اللَّه تعالى على عيسى عليه السلام، فكانت دعوته خالصة لبني إسرائيل دون غيرهم، خلافا لما يدعيه