وكذّبه لم يعاقب بشيء من عمله -وقال حسن الأشيب: بسَيِّئ من عمله- سَلَفَ، وإنّه سيظهر -أو قال سوف يظهر- على الأرض كلّها إلّا الحرمَ وبيتَ المقدس، وإنّه يحْصُر المؤمنين في بيت المقدس، فيُزَلْزلون زلزالًا شديدًا، ثم يهلكه اللَّهُ وجنودَه، حتى إنّ جِذْمَ الحائط -أو قال أصل الحائط، وقال حسن الأشيب: وأصلَ الشّجرة- لينادي أو قال يقول: يا مؤمن أو قال: يا مسلم هذا يهودي أو قال: هذا كافر تعالَ فاقتله. قال: ولن يكون ذلك كذلك حتى تروا أمورًا يتفاقم شأنها في أنفسكم، وتَسَّاءَلُون بينكم: هل كان نبيُّكم ذكر لكم منها ذكرًا؟ وحتّى تزولَ جبالٌ على مراتبها، ثم على أَثَرِ ذلك القَبْض".
قال: ثم شهدتُ خطبةً لسَمرة ذكر فيها هذا الحديثَ، فما قدَّم كلمةً ولا أخَّرها عن موضعها.
رواه الإمام أحمد (٢٠١٧٨) واللّفظ له، كما رواه أيضًا كل من أبي داود (١١٨٤)، والترمذيّ (٥٦٢)، والنسائيّ (١٤٨٤)، وابن ماجه (١٢٦٤) مطوّلًا ومختصرًا، وصحّحه ابن خزيمة (١٣٩٧)، وابن حبان (٢٨٥٢)، والحاكم (١/ ٣٢٩ - ٣٣١)، والحافظ ابن حجر في ترجمة أبي تِحيى في الإصابة (٤/ ٢٦) كلّهم من طريق الأسود بن قيس، قال: حدثني ثعلبة بن عبّاد العبديّ، فذكره.
قال الترمذيّ: "حسن صحيح".
وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
قلت: هذا وهم منه، فإنه ليس على شرط أحدهما لأنّ فيه ثعلبة بن عبّاد من رجال السنن فقط. ثم هو لم يوثقه أحد، وإنما ذكره ابن حبان في "ثقاته" (٤/ ٩). ولم يذكر من روى عنه سوى الأسود بن قيس فهو "مجهول" فلعل من صحّحه نظر إلى شواهده، واللَّه تعالى أعلم.
وقوله: "ثم يهلكه اللَّه وجنوده" أي يهلكهـ عيسى ابن مريم، ونسب الفعل إلى اللَّه مثل قوله تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [سورة الأنفال: ١٧].
١٤ - باب إن عيسى عليه السلام يقتل الدجال بباب لُدّ
• عن النّواس بن سمعان، قال: ذكر رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الدّجّال ذات غداة، فخفَّض فيه ورفَّع حتّى ظننّاه في طائفة النّخل. فما ذكر فيه: "إنّ عيسى عليه السّلام يدركهـ باب لدٍّ فيقتله".
صحيح: رواه مسلم في الفتن (٢٩٣٧) في حديث طويل سبق ذكره في أوّل الباب.
ولُدّ: مدينة تقع غرب القدس تبعد عنها ٢٦ ميلًا تقريبًا.
وفي الباب ما يستشهد به، وهو ما رواه مجمع بن جارية يقول: سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "يقتل ابن مريم الدّجال بباب لُدّ".