لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (٦٩) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (٧٠) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (٧٢)} [سورة مريم: ٦٨ - ٧٢].
وهذا المعنى روي عن ابن عباس كما رواه ابن جرير في تفسيره (١٥/ ٥٩٦) عن ابن المثنى قال: ثنا أبو داود، ثنا شعبة قال: أخبرني عبد الله بن السائب عن رجل سمع ابن عباس يقرؤها {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} وإن منهم يعني الكفار قال: لا يردها مؤمن. انتهى.
قلت: أولا: إسناده ضعيف فإن في إسناده رجلا مجهولا لم يسمّ.
وثانيا: قراءة ابن عباس "وإن منهم" بدلا قراءة شاذة.
وثالثا: لا تؤيده الأحاديث والآثار الواردة في هذا الباب.
ورابعا: قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} والمعلوم أن "ثم" للترتيب فهل المنجون المنقّون يكونون من بينهم يعني الكفار؟ وهذا أمر مستنكر لا يقول به أحد. والله أعلم بالصواب.
١٣ - باب قوله: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (٧٨) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (٧٩) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (٨٠)}
• عن خباب قال: كنت رجلا قينا، وكان لي على العاص بن وائل دين، فأتيته أتقاضاه، فقال لي: لا أقضيك حتى تكفر بمحمد. قال: قلت: لن أكفر به حتى تموت، ثم تبعث. قال: وإني لمبعوث من بعد الموت، فسوف أقضيك إذا رجعت إلى مال وولد. قال: فنزلت: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (٧٨) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (٧٩) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (٨٠)}.
متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٧٣٥)، ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار (٢٧٩٥) كلاهما من طريق وكيع، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن خباب، قال: فذكره، واللفظ للبخاري ولفظ مسلم نحوه.
١٤ - باب قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (٩٦)}
أي: أن الله عز وجل يغرس لعباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات المودة في قلوب عباده الصالحين، كما جاء في الصحيح:
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله إذا أحبّ عبدا دعا جبريل،