وذهب جمهور أهل العلم من السلف والخلف إلى أنّ القاتل له توبة فيما بينه وبين ربه عز وجل. فإن تاب وأناب، وخشع وخضع، وعمل عملا صالحا، يُبدّل اللَّه سيئاته حسنات. وعوض المقتول من ظلامته، وأرضاه عن طلابته (ابن كثير).
وقد قال اللَّه تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}[سورة النساء: ٤٨] وهي عامة في جميع الذنوب ما عدا الشرك.
وأما الآية الكريمة: فقد قال أبو هريرة: "هو جزاءه إن جازاه". ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره وروي ذلك أيضًا عن غيره.
وقوله: أي المكث الطويل لما ثبت في الأحاديث المتواترة أن الخلود الدائم لا يكون إلّا لمشرك وكافر.
• عن ابن عباس قال: لقي ناس من المسلمين رجلا في غُنيمةٍ له. فقال: السلام عليكم، فأخذوه فقتلوه، وأخذوا تلك الغُنيمَة. فنزلت:{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}.
متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٥٩١)، ومسلم في التفسير (٣٠٢٥) كلاهما من طريق سفيان، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: فذكره.
• عن عبد اللَّه بن أبي حَدْرد، قال: "بعثنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى إِضَم، فخرجت في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة الحارث بن رِبعيٍّ ومُحَلِّم بن جَثَّامة بن قيس، فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إِضَم، مرّ بنا عامرٌ الأشجعي على قعود له معه مُتَيِّع ووَطبٌ مِن لبن، فلمّا مرّ بنا، سلّم علينا، فأمسكنا عنه، وحمل عليه مُحَلَّم بن جَثّامة فقتله بشيء كان بينه وبينه، وأخذ بعيره ومُتَيِّعه، فلما قمنا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأخبرناه الخبر، نزل فينا القرآن:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}.
حسن: رواه أحمد (٢٣٨٨١)، وابن أبي شيبة (٣٨١٦٨)، وابن الجارود (٧٧٧) كلهم من