أرجح على الرفع، وإذا نظرتُ إلى فقه الحديث قلت: الرفع أرجح على الوقف، إنْ كان في الأحكام والغيبيات؛ لأن مثل هذا لا يقال بالرأي، وقد كان الإمام البخاري رحمه اللَّه تعالى كثيرا ما يختار الرفع على الوقف وإنْ كانت الصناعة الحديثية تخالفه، ولذا وُصِفَ بأنه محدث وفقيه، ونهج على ذلك من جاء بعده مثل البغوي والنووي وابن كثير وغيرهم.
[٢٣ - زيادة الثقة في المتن]
زيادة الثقة في المتن على نوعين:
أحدهما: أن يزيدَ في المتن ما لم يذكرْه غيرُه، أو هو نفسه مرّةً يرويه بالزيادة، وأخرى بدون الزيادة، وهذه الزيادة يثبتُ منها حكمٌ شرعيٌّ، فهي مقبولةٌ مطلقا عند الفقهاء والأصوليين؛ لأنه لو روى حديثًا مستقلًا لقُبِلَ، فكذلك هذه الزيادة، وأما المحدّثون فقبلوا هذه الزيادةَ بشروط:
منها: أن يكون الذي زاده حافظا ضابطًا.
ومنها: أن يكون الذي زاده أكثر عددًا.
ومنها: أن يكون الذي زاده أكثر ملازمةً.
ومنها: أن يكون الذي زاده من أهل بلده.
وهنا يأتي دورُ المجتهد في اختيار أحد هذه الوجوه حسب القرائن، وما ظهر له من ملكة التخريج، فيظُنُّ من لا علمَ له أنه متناقضٌ فيه، والأمر ليس كذلك.
والنوع الثاني: أن يزيد في المتن منافيا لما رواه غيره، فهذا يحتاج إلى الترجيح، لأن المتناقضين لا يجتمعان، فإذا حكم على هذه الزيادة بأنها شاذّة رُدّتْ، وإذا حكم على هذه الزيادة بأنها صحيحة محفوظة قُبلتْ، ورُدّتْ ما ينافيه، وعلى هذا التفصيل ذهب كثير من المحدثين القدماء مثل يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، والبخاري، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي والدارقطني وغيرهم، وهو المعمول به في شروح الحديث وكتب الفقه.
[٢٤ - بيان علل الأحاديث]
هذا علم غامض، ولذا لم يمهر فيه إلا القليل مثل ابن المديني وأحمد بن حنبل،