طرق يُتَّبع ويُذاكر بها، وقد تابع العلاء بن المسيب عاصم بن بهدلة على روايته عن مصعب بن سعد، ثمَّ أسنده من طريقه، ولفظه: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الناس أشد بلاءً؟ قال: والأنبياء، ثمَّ الأمثل، فالأمثل، فإن كان الرجل صلب الدين يبتلى الرجل على قدر دينه، فمن ثخن دينه ثخن بلاؤه". وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين". ثمَّ أسند من طرق كثيرة حديث عاصم عن مصعب بن سعد، عن أبيه.
قلت: ولكن رواه ابن حبان في صحيحه (٢٩٢٠) من وجه آخر عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن سعد نحوه. والمسيب هو ابن رافع، لم يسمع من سعد.
وقوله: "الأمثل فالأمثل" أي الأعلى فالأعلى في الرتبة والمنزلة. يقال: هذا أمثل من هذا، أي أفضل، وأماثل الناس: خيارهم.
والخلاصة في حديث الباب: أنَّ ابتلاء الأنبياء صلوات الله عليهم ليس لمحو خطاياهم إذ لا خطايا لهم؛ بل لرفع درجاتهم عند الله - عَزَّوَجَلَّ -. انظر معنى هذا عند الطحاوي في مشكله:(٥/ ٤٥٦).
[١٠ - باب مضاعفة أجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أصابه الوعك]
• عن عبد الله بن مسعود، قال: دخلتُ على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو يوعَك، فقلت: يا رسول الله! إنَّك توعَك وَعْكًا شديدًا؟ ! قال: "أَجل! إنِّي أُوعَك كما يوعَك رجلان منكم". فقلتُ: ذلك أنَّ لك أجرين؟ قال: "أَجل! ذلك كذلك، ما من مسلم يُصيبُه أذىً، شوكةٌ فما فوقها إلَّا كفَّر الله بها سيِّئآته كما تحطُّ الشجر ورقها".
متفق عليه: رواه البخاري في المرضى (٥٦٤٧) ومسلم في البر والصلة (٢٥٧١) كلاهما من حديث سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سُوَيد، عن عبد الله، فذكره.
• عن أبي سعيد الخدري، قال: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك، فوضعت يدي عليه، فوجدت حره بين يديَّ فوق اللِّحاف، فقلت: يا رسول الله! ما أشدَّها عليك! قال: "إنَّا كذلك يُضعَّف لنا البلاء، ويُضعَّف لنا الأجر". قلت: يا رسول الله! أي الناس أشد بلاءً؟ قال: "الأنبياء". قلت: يا رسول الله! ثمَّ من؟ قال: "ثمَّ الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر حتَّى ما يجد أحدهم إلَّا العباءة يحوبها، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء".
حسن: رواه ابن ماجه (٤٠٢٤) عن عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن أبي فُديك، قال: حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، فذكره.
إسناده حسن من أجل الكلام في هشام بن سعد المدني؛ فقد ضعَّفه ابن معين، والنسائي، ومشَّاه الآخرون، فقال أبو زرعة: "محله الصدق". وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يُحتجُّ به".