والتقحل: تكلف القحول، والقحول: هو اليبس والجفاف. يقال: أرض قحلة: يابسة لا نبات فيها، والمعنى أن لا يجعل الإنسان كل همه في ثيابه ومظهره. ولكن ليس فيه ما يخالف النظافة وحسن الهيئة في اللباس والزينة، ولكل من الرجال والنساء ما يخصّهم بل المراد عدم الاسراف في الملبس، والنهي عن التبختر والبطر وغير ذلك.
• عن معاذ بن أنس الجهني: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"من ترك اللباس تواضعًا للَّه، وهو يقدر عليه، دعاه اللَّه يوم القيامة على رؤوس الخلائق، حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها"
حسن: رواه الترمذيّ (٢٤٨١)، وأحمد (١٥٦٣١)، والحاكم (٤/ ١٨٣ - ١٨٤) كلهم من حديث أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن يزيد المقري، حدّثنا سعيد بن أبي أيوب، عن أبي مرحوم عبد الرحيم بن ميمون، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني، عن أبيه قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد الرحيم بن ميمون وسهل بن معاذ فإنهما حسنا الحديث.
قال الترمذيّ:"هذا حديث حسن، ومعنى قوله "حلل الإيمان": يعني ما يُعطى أهل الإيمان من حلل الجنة". وقال الحاكم:"صحيح الإسناد".
وقوله:"من ترك اللباس" أي لباس الشهرة والتفاخر.
[٤ - باب كراهية لبس الثوب الخلق والوسخ لمن عنده أحسن منه]
• عن جابر بن عبد اللَّه الأنصاري، أنه قال: خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزوة بني أنمار، قال جابر: فبينا أنا نازل تحت شجرة، إذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقلت: يا رسول اللَّه، هلم إلى الظل، قال: فنزل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقمت إلى غِرارة لنا، فالتمستُ فيها شيئًا، فوجدت جِرْوَ قِثّاء، فكسرتُه، ثم قربته إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال:"من أين لكم هذا؟ " قال: فقلت: خرجنا به يا رسول اللَّه من المدينة، قال جابر: وعندنا صاحب لنا نُجهزه، يذهب يرعى ظهرنا، قال: فجهزته، ثم أدبر يذهب في الظهر، وعليه بردان له قد خَلَقَا، قال: فنظر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إليه، فقال:"أما له ثوبان غير هذين؟ " فقلت: بلى يا رسول اللَّه، له ثوبان في العَيْبة، كسوتُه إياهما، قال:"فادعه، فمُرْه فليلبسهما"، قال: فدعوته، فلبسهما، ثم ولّى يذهب، قال: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما له ضرب اللَّه عنقه، أليس هذا خيرًا له؟ " قال: فسمعه الرجل، فقال: يا رسول اللَّه، في سبيل اللَّه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "في سبيل اللَّه"، قال: فقُتِلَ الرجل في سبيل اللَّه.