للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ضرب اللَّه مثل المنافقين بأنهم لو كانوا مؤمنين حقا لكان مثلهم مثل الذي استوقد نارًا فأضاءت ما حوله، ولكنهم لم يؤمنوا، وإنما كفروا ونافقوا فصاروا كالذي ذهب اللَّه بنوره فصار كل شيء له ظلمات، وفي هذه الظلمات هو مثل الصم الذي لا يسمع الخير، والبكم الذي لا ينطق بالحق، والأعمى الذي لا يبصر الحق فمهما أفهمتهم فهم لا يرجعون إليه.

١١ - باب قوله: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (١٩) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)}

الصيب: هو المطر كما جاء في الصحيح.

• عن عائشة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا رأى المطر قال: "صيّبًا نافعًا".

صحيح: رواه البخاريّ في الاستسقاء (١٠٣٢) عن محمد -هو ابن مقاتل- أبو الحسن المروزي، قال: أخبرنا عبد اللَّه، قال: أخبرنا عبيد اللَّه، عن نافع، عن القاسم بن محمد، عن عائشة فذكرته.

قال البخاريّ: وتابعه القاسم بن يحيى، عن عبيد اللَّه.

ورواه الأوزاعي وعقيل، عن نافع (يعني عن القاسم بن محمد، عن عائشة).

في هذه الآية الكريمة ضرب اللَّه مثلا آخر للمنافقين بأنهم مثل المطر الذي ينزل في الظلمات فهم في نفاقهم وسلوكهم مثل الذي في الظلمات.

وقوله: {وَرَعْدٌ}: وهو الصيحة التي تزعج القلوب، والمنافق يعيش في خوف مستمر.

وقوله: {وَبَرْقٌ} الضوء شديد اللمع يظهر مع السحاب.

وقوله: {الصَّوَاعِقِ}: جمع صاعقة، وهي نار تنزل من السماء وقت الرعد.

وقوله: {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ}: لشدة ضوئه لا يقدر أحد أن ينظر إليه، والخطف: ذهاب البصر.

هذه حال المنافقين فإنهم يواجهون الرعد الذي يخوف القلوب، والبرق الذي يبهر الأعين فيجعلون أصابعهم في آذانهم من الخوف والفزع، ولكن لا ينفع حذرهم شيئًا من قدرة اللَّه الذي محيط بهم.

وروي عن ابن عباس: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} يقول: كلما أصاب المنافقين من عز الإسلام اطمأنوا إليه، وإن أصاب الإسلام نكبة ما قاموا يرجعون إلى الكفر كقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: ١١]، أخرجه ابن جرير الطبري.

وروي عن أبي العالية في قوله تعالى: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا}: فمثله

<<  <  ج: ص:  >  >>