البخاري في خلق أفعال العباد، ثم هو مجهول، ذكره علي بن المديني في المجاهيل الذين يروي عنهم الأسود بن قيس. كما جزم أيضًا ابن حزم بأنه مجهول، وتبعه ابن القطان، وقال فيه الحافظ في التقريب "مقبول" أي: حيث يتابع، ولم يتابع فهو "لين الحديث".
وقد حكى الترمذي عن البخاري أنه قال: حديث عائشة أنه جهر أصح من حديث سمرة أنه أسر.
قال أبو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى في "شرح معاني الآثار"(١/ ٣٣٣): فذهب قوم إلى هذه الآثار فقالوا: هكذا صلاة الكسوف، لا يجهر فيها بالقراءة، لأنها من صلاة النهار، وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة رحمه الله. وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: يجهر فيها بالقراءة، وكان من الحجة لهم في ذلك أنه قد يجوز أن يكون ابن عباس وسمرة رضي الله عنهما لم يسمعاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته تلك حرفًا، وقد جهر فيها لبعدهما منه، فهذا لا ينفي الجهر إذ كان قد رُوي عنه أنه قد جهر فيها. فذكر حديث عائشة ورجح الجهر قياسًا على الجمعة والعيدين والاستسقاء وهي كلها صلاة النهار فكذلك صلاة الكسوف ثم قال: وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى. انتهي.
وقد أجيب أيضًا بأن المثبت أولى، ويمكن تأويل هذه الأحاديث بأن قراءته - صلى الله عليه وسلم - لم تكن عالية.
فأحيانًا يجهر، وأحيانًا يسر، وهو في صلاة واحدة، فمن سمع منه الجهر وهو قريب منه قال به، وإليه يشير صاحب المنتقي بعد إيراد حديث سمرة بن جندب:"وهذا يحتمل أنه لم يسمعه لبعده، لأن في رواية مبسوطة له: أتينا والمسجد قد امتلأ".
ويمكن حمله أيضًا على التعدد لمن قال بذلك، وإلا فقد رأى بعض أهل العلم أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُصلِّ صلاة الكسوف إلَّا مَرَّةً واحدة يوم توفي ابنه إبراهيم.
[٩ - باب طول القيام في الكسوف]
• عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: فزع النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا -قالت: تعني يوم كسفتِ الشمس- فأخذ دِرْعًا حتى أُدِرك بردائه، فقام للناس قيامًا طويلًا، لو أن إنسانًا أتي لم يشعر أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع -ما حدَّث أنه ركع- من طول القيام.
وفي رواية: وقام قيامًا طويلًا، يقوم ثم يركع، وزاد: فجعلتُ أَنظر إلى المرأة أَسَنُّ مني، وإلى الأخرى: هي أسقَمْ مني.
وفي رواية: فقضيت حاجتي، ثم جئتُ ودخل المسجدَ، فرأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا، فقمتُ معه، فأطال القيام حتى رأيتُني أريد أن أجلس. ثم أَلتفِتُ إلى المرأة الضعيفة، فأقول: هذه أضعفُ مني، فأقوم، فركع فأطال الركوع، ثم رفع رأسه فأطال القيام، حتى لو أن رجلًا جاء - خُيّل إليه أنه لم يركع.