ثم إنه لم ينفرد به بل توبع عليه، فقد رواه الطبراني في الكبير (١٧/ ٦٣٦) من طريق يحيى بن سليمان الجعفي، ثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي عشانة به.
ويحيى بن سليمان حسن الحديث، وباقي رجال الإسناد ثقات.
[٣١ - باب ما جاء في السؤال عن النعيم]
قال تعالى:{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}[سورة التكاثر: ٨]
• عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أول ما يسأل عنه يوم القيامة -يعني العبد- من النعيم أن يقال له: ألم نصح لك جسمك، ونرويك من الماء البارد".
صحيح: رواه الترمذيّ (٣٣٥٨)، والبزار (٩٤٠٨)، وعبد اللَّه بن أحمد في زوائد الزهد (ص ٣١)، وصحّحه ابن حبان (٧٣٦٤)، والحاكم (٤/ ١٣٨) كلهم من طريق عبد اللَّه بن العلاء بن زبر، عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزم -أو عرزب- الأشعري قال: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره. وإسناده صحيح.
وقال الحاكم:"هذا حديث صحيح الإسناد".
وأما الترمذيّ فقال عقبه:"هذا حديث غريب، والضحاك هو ابن عبد الرحمن بن عرزب، ويقال: ابن عرزم، وابن عرزم أصح".
كذا قال! ورجال إسناده ثقات، ثبت سماع بعضهم من بعض، فلعل وجه استغرابه أن هذا الحديث لا يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا من هذا الوجه، فقد قال البزار:"وهذا الكلام لا نعلمه يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا من هذا الوجه عن أبي هريرة".
قلت: وحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا صحّ فهو حجة بنفسه.
• عن أبي هريرة قال: خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر، فقال:"ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ " قالا: الجوع يا رسول اللَّه. قال:"وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما، قوموا". فقاموا معه، فأتى رجلا من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأةُ قالت: مرحبا وأهلا. فقال لها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أين فلان؟ "، قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء، إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وصاحبيه، ثم قال: الحمد للَّه ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني، قال: فانطلق، فجاءهم بعذقٍ، فيه بُسرٌ وتمرٌ ورطبٌ. فقال: كلوا من هذه، وأخذ المدية، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إياك والحلوب". فذبح لهم فأكلوا من الشاة، ومن ذلك العذق وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي بكر وعمر: "والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم