قلت وهو كما قال، فإنه الضحاك بن خليفة بن ثعلبة الأشهلي الأنصاري. صحابي شهد غزوة بني النضير، وليست له رواية.
فقه الحديث: أحاديث الباب تدل على جواز النظر إلى المخطوبة وهو مما لا خلاف فيه عند جمهور أهل العلم إلا من شذ. ولكنهم اختلفوا في القدر الذي يجوز النظر إليه فالمشهور من مذهب الجمهور: الوجه والكفان لقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}[النور: ٣١] وهو الوجه والكفان. قال ذلك ابن عباس وغيره. وعليه يدل قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعو إليها" والوجه والكفان هما أساس جمال المرأة، وهو القدر الكافي للنظر إليه.
قال الخطابي:"إنما أبيح له النظر إلى وجهها وكفيها فقط، ولا ينظر إليها حاسرًا، ولا يطلع على شيء من عورتها، سواء كانت أذنت له في ذلك أو لم تأذن. وإلى هذه الجملة ذهب الشافعي وأحمد بن حنبل، وإلى نحو هذا أشار سفيان الثوري".
ونقل الترمذي (١٠٨٧) عن أحمد وإسحاق "أنه لا بأس أن ينظر إليها ما لم ير منها محرمًا".
ولكن يشكل في هذا ما رواه عبد الرزاق (١٠٣٥٢) وسعيد بن منصور في سننه (٥٢١) كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر، قال: خطب عمر بن الخطاب ابنة علي ابن أبي طالب فقال: إنها صغيرة، فقيل لعمر: إنما يريد بذلك منعها. قال: فكلمه فقال علي: أبعث بها إليك فإن رضيتَ فهي امرأتك قال: فبعث بها إليه قال: فذهب عمر، فكشف عن ساقها. فقالت:"أرسل. فلولا أنك أمير المؤمنين لصككت عنقك" كذا عند عبد الرزاق. وفي سند سعيد:"للطمت عينيك".
وللقصة أسانيد أخرى كلها منقطعة. انظر علل الدارقطني (٢/ ١٩٠) فذهب أحمد إلى القول بجواز النظر إلى ما يظهر غالبا كالرقبة والساقين ونحوهما.
فائدة: ابنة علي اسمها أم كلثوم، وأمها فاطمة بنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تزوجها عمر بن الخطاب، فلم تزل عنده إلى أن قتل، وولدت له زيد بن عمر، ورقية بنت عمر، ثم خلف على أم كلثوم بعد عمر: عون بن جعفر بن أبي طالب، فتوفي عنها. ثم خلف عليها أخوه محمد بن جعفر بن أبي طالب فتوفي عنها، فخلف عليها أخوه عبد اللَّه بن جعفر فقالت أم كلثوم: إني أستحي من أسماء بنت عميس إن ابنيها ماتا عندي، وإني لأتخوف على هذا الثالث. فهلكت عنده، ولم تلد لأحد منهم. طبقات ابن سعد (٨/ ٤٦٣).
٦ - باب ما جاء في غض البصر وتحريم النظر إلى الأجنبية بغير قصد الخِطبة