بقضاء، ويفتي هو بخلافه، هذا لا يتوهم مثله على عبد الله بن مسعود، وهو القائل في مسألة وردت عليه لم يسمع فيها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا ولم يبلغه عنه فيها قول، أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابًا فمن الله ورسوله، وإن يكن خطأ فمني، ثمّ بلغه بعد ذلك أن فتياه وافق قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مثلها، فرآه أصحابه عند ذلك فرح فرحًا لم يروه فرح مثله، من موافقة فتياه قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمن كانت هذه صفته وهذا حاله، فكيف يصح عنه أن يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا ويخالفه، ويشهد أيضًا لرواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، ما رواه وكيع وعبد الله بن وهب وغيرهما، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: دية الخطأ أخماسًا.
قلت: كذا قال رحمه الله تعالى، ومن المعروف أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، ثمّ أدرك الدَّارقطنيّ قائلًا:"ويشهد أيضًا لرواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، ما رواه وكيع وعبد الله بن وهب وغيرهما عن سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: دية الخطأ أخماسًا.
ثمّ قال: ثمّ فسرها كما فسرها أبو عبيدة وعلقمة عنه سواء. فهذه الرواية وإن كان فيها إرسال.
فإبراهيم النخعي هو أعلم الناس بعبد الله وبرأيه وبفتياه وأطال الكلام فيه.
ولكن رواه البيهقيّ (٨/ ٧٥) من حديث يزيد بن هارون، أنبأنا سليمان التيميّ، عن أبي مجلز، عن أبي عبيدة، عن عبد الله في دية الخطأ أخماس: خمس بنو مخاض، وخمس بنات مخاض، وخمس بنات لبون، وخمس حقاق، وخمس جذاع. وقال: هذا هو المعروف عن عبد الله بن مسعود بهذه الأسانيد. قد روى بعض حفاظنا وهو الشّيخ أبو الحسن الدَّارقطنيّ هذه الأسانيد عن عبد الله، وجعل مكان بني المخاض - بني لبون، وهو غلط منه. وقد رأيته أيضًا في كتاب محمد بن إسحاق بن خزيمة وهو إمام، في رواية وكيع، عن سفيان بإسناديه كذلك بني لبون، وفي رواية سعيد بن بشير عن قتادة، عن أبي مجلز، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود كذلك بني لبون".
[١٦ - باب ما جاء في الدية من الدراهم]
رُويَ عن ابن عباس أن رجلًا من بني عدي قتل، فجعل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ديته اثني عشر ألفا.
رواه أبو داود (٤٥٣٦) والتِّرمذيّ (١٣٨٨) والنسائي (٤٨٠٣) وابن ماجة (٢٦٢٩ - ٢٦٣٢) كلّهم من حديث محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
قال الترمذيّ:"لا نعلم أحدًا يذكر في هذا الحديث عن ابن عباس غير محمد بن مسلم".
وقال أبو داود:"رواه ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -. ولم يذكر ابن عباس" أي مرسلًا.
قلت: هذه الرواية وصلها الترمذيّ (١٣٨٩) عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي قال: حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة فذكره. وكذلك رواه النسائيّ (٤٨٠٤) عن محمد بن ميمون، قال: حَدَّثَنَا سفيان، عن