قلت: هذا يشعر بأن الحديث من مسند عمير مولى آبي اللحم.
كذا صحّحه الحاكم، ولكن علته أن بين يزيد بن عبد الله بن الهاد وبين عمير مولى آبى اللحم "محمد بن إبراهيم التيمي" كذا في الإسناد السابق، وكذلك قال الحافظ في التهذيب في ترجمة "يزيد بن عبد الله بن الهاد الليثي فقال: "الصحيح بينهما محمد بن إبراهيم التيمي"، انتهى.
وهذا يعني أنَّ في إسناد الحاكم انقطاعًا.
وآبي اللحم: بمد الهمزة، اسم فاعل من أبي، اسمه الحُويرث بن عبد الله الغفاري، وقيل: عبد الله بن عبد الملك، وقيل: خلف بن عبد الله، قُتل يوم حُنين شهيدًا سنة ثمان من الهجرة، قيل له: آبى اللحم، لأنه كان لا يأكل اللحم، وقيل: كان لا يأكل ما ذُبح على النصب.
فإذا كان استشهد يوم حنين سنة ثمان من الهجرة فمن المستبعد أن يكون هو راوي حديث الاستسقاء.
وقوله: "أحجار الزيت" موضع بالمدينة من الحرة، سميت بذلك لسواد أحجارها، كأنها طليت بالزيت.
وقوله: "الزوراء" موضع كان معروفًا عند سوق المدينة، مرتفع كالمغارة قرب المسجد، وأصبح الآن غير معروف، ولعله الآن دخل في توسعة المسجد النبوي.
[٧ - باب رفع الأيدي في الاستسقاء مع الإمام]
• عن أنس بن مالك قال: أتى رجل أعرابي من أهل البدو إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة فقال: يا رسول الله! هلكتِ الماشية، هلك العيالُ، هلك الناسُ، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه يدعو، ورفع الناس أيديهم معه يدعون. قال: فما خرجنا من المسجد حتى مُطِرنا، فما زلنا نُمطَر حتى كانت الجمعة الأُخرى، فأتى الرجل إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! بَشِق المسافرُ، ومُنع الطريق.
متفق عليه: رواه البخاري في الاستسقاء (١٠٢٩) قال: قال أيوب بن سليمان، حدثني أبو بكر ابن أبي أويس، عن سليمان، عن بلال، قال يحيى بن سعيد: سمعت أنس بن مالك فذكره.
وقوله: قال أيوب بن سليمان ظاهره أنه معلق، والصحيح أنه متصل لأن أيوب بن سليمان من شيوخ البخاري كما هو رأي ابن الصلاح.
ورواه مسلم في الاستسقاء (٨٩٧) من وجه آخر عن أنس نحوه.
وقوله: "بَشِق" بفتح الباء وكسر الشين وبعدها قاف أي: ملَّ.
وقال الخطابي: وإنما هو "لَثق" بلام، يقال: لثق الطريق أي صار ذا وحل، ولثق الثوب إذا أصابه ندى المطر.