انصرف فنزعه نزعًا شديدًا كالكاره له وقال:"لا ينبغي هذا للمتقين".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الصّلاة (٣٧٥)، ومسلم في اللباس (٢٠٧٥) كلاهما من طريق اللّيث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر فذكره.
قال الحافظ ابن حجر:"وظاهر هذا الحديث أن صلاته - صلى الله عليه وسلم - فيه كانت قبل تحريم لبس الحرير، ويدل على ذلك حديث جابر عند مسلم (في اللباس ٢٠٧٠) ولفظه: لَبِس النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يومًا قَباءً من ديباج أُهْدِيَ له، ثمّ أوشك أن نزعه. فأرسل به إلى عمر بن الخطّاب. فقيل له: قد أوْشك ما نزعتَه يا رسول الله. فقال: "نهاني عنه جبريل" فجاءه عمر بكي. فقال: يا رسول الله! كرهتَ أمرًا، وأعطيتنيه فما لي؟ قال: "إني لم أعطِكه لتلْبسه. إنّما أعطيتكهـ تبيعه" فباعه بألْفي درهم.
وقال أيضًا: ويدل عليه أيضًا مفهوم قوله: "لا ينبغي هذا للمتقين" لأنَّ المتقي وغيره في التحريم سواء ...
وقال: فلا حجة فيه لمن أجاز الصّلاة في ثياب الحرير، لكونه - صلى الله عليه وسلم - لم يُعِدِ الصّلاة. لأن ترك إعادتها لكونها وقعت قبل التحريم، وأمّا بعده فعند الجمهور تجزئ لكن مع التحريم، وعن مالك: يُعيد في الوقت". انتهى.
٩ - باب كراهية الصّلاة في ثوب له أعلام
• عن عائشة أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - صلى في خميصةٍ لها أعلام فنظر إلى أعلامها نظرةً، فلمّا انصرف قال:"اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وائتُوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها أَلْهَتْنِي آنفًا عن صلاتي".
وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "كنتُ أنظر إلى عَلَمِها، وأنا في الصّلاة، فأخاف أن تفتِنِّي".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الصّلاة (٣٧٣)، ومسلم في المساجد (٥٥٦) كلاهما من حديث ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة واللّفظ للبخاريّ.
وأمّا ما علّقه البخاريّ عن هشام فوصله مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا وكيع، عن هشام به ولكن لفظه: أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كانت له خميصةٌ لها علم، فكان يتشاغل بها في الصّلاة. فأعطاها أبا جهْم، وأخذ كِساءً له أنْبِجانيًّا. فلعل هشامًا كان يروي على اللفظين. واللّفظ الثاني له متابع، عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه، أن عائشة قالت: أَهدى أبو جَهْم بن حذيفة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خميصةً شاميةً لها عَلَمٌ. فشهد فيها الصّلاة. فلمّا انصرف قال:"رُدِّي هذه الخميصة إلى أبي جَهْم، فإني نظرتُ إلى عَلَمها في الصّلاة، فكاد يفتِنُنِي" رواه مالك في الصّلاة (٦٧) عن علقمة بن أبي علقمة به.