فائدة: قال ابن خزيمة: "في هذا دلالة على أن الشّكر لله عزّ وجلّ قد يكون بالعمل له، لأنَّ الشكر كلُّه لله، وقد يكون باللسان. قال الله تعالى:{اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا}[سورة سبأ: ١٣] فأمرهم عز وجل أن يعملوا شكرًا، فالشكر قد يكون بالقول والعمل جميعًا. لا على ما يتوهم العامة أن الشكر إنما يكون باللّسان فقط".
٢ - باب ما جاء في نسخ قيام الليل من الفرضِ إلى النافلة إلا في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -
• عن سعد بن هشام بن عامر قال: قلت لأم المؤمنين عائشة: أَنبئِيني عن خُلُقِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: أما تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان القرآن. قال: فهممتُ أن أقومَ فبدا لي فقلت لها: أَنبئِيني عن قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: أما تقرأ هذه السورة {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}[المزمل: ١] قال: قلت: بلى. قالت: فإن الله افترض القيام في أول هذه السورة، فقام نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حولًا، حتى انتفخت أقدامُهم، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرًا، ثم أنزل الله التخفيف في آخر السورة، فصار قيام الليل تطوعًا بعد فريضةٍ.
صحيح: رواه مسلم في صلاة المسافرين (٧٤٦) من طريق عبد الرزاق، وهو في مصنفه (٤٧١٤) عن عمر، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام بن عامر فذكره في حديث طويل كما سيأتي في جامع صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الليل.
وعلى هذا يدل قول ابن عباس في قوله تعالى في سورة المزمل: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ} [المزمل: ٢، ٣] نسختها الآية التي فيها: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}[المزمل: ٢٠] و {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ}[المزمل: ١] أولَه. وكانت صلاتهم لأول الليل، يقول: هو أجدرُ أن تحصوا ما فرض الله عليكم من قيام الليل، وذلك أنَّ الإنسان إذا نام لم يدرِ متى يستيقظ. وقوله:{وَأَقْوَمُ قِيلًا}[المزمل: ٦] هو أجدر أنْ يفقهَ في القرآن. وقوله:{إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا}[المزمل: ٧] يقول: فراغًا طويلًا.
رواه أبو داود (١٣٠٤) عن أحمد بن محمد المروزي بن شَبُّوَيْهِ، حدثني علي بن حسين، عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وإسناده حسن لأجل الكلام في علي بن حسين وهو ابن واقد فقد تكلم فيه النسائي وغيره، ومشّاه الآخرون غير أنه لا ينزل عن درجة الحسن.
وأما يزيد النحوي فهو: ابن أبي سعيد المروزي ثقة.
وقوله: لما نزلت أول المزمل كانوا يقومون نحوًا من قيامهم في شهر رمضان، حتى نزل آخرها، وكان بين أولها وآخرها سنة.