لا تحمل على ظاهره، لأنه لا ينطق عن الهوى، ولا يفعل بالهوى.
وقد رُوي عن ابن عباس أنه قال: لم يكن عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- امرأة وهبت نفسها له. يعني أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أرجاهن، ولم يقبلهن وإن كانت حلالا له.
فقه الباب: هبة المرأة نفسها خاصة بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بدون صداق لقول اللَّه عزّ وجلّ: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٥٠]، ولا يجوز لغيره أن تهب نفها بغير صداق، إما مسمى وإما مهر المثل.
قال ابن المسيب: لا تحل الهبة لأحد بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولو تزوجها على سوط لحلتْ، وعن طاوس قال: لا يحل لأحد أن يهب ابنته بغير مهر إلا للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقد سئل عطاء عن امرأة وهبت نفسها لرجل فقال: لا يكون إلا بصداق. وكذلك رُوي عن غير واحد من السلف. قال البيهقي: لا يقتدي بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما خص به.
[٢٢ - باب استحباب تزوج المرأة مثلها في السن]
• عن بريدة قال: خطب أبو بكر وعمر فاطمةَ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّها صغيرة" فخطبها عليٌّ، فزوَّجها منه.
حسن: رواه النسائي (٣٢٢١) عن الحسين بن حريث، قال: ثنا الفضل بن موسى، عن الحسين ابن واقد، عن عبد اللَّه بن بريدة، عن أيه فذكره.
وإسناده حسن من أجل الحسين بن واقد فإنه حسن الحديث.
[٢٣ - باب ما جاء في نكاح الصغيرة]
• عن عائشة قالت: تزوجني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا بنت ست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين، قالت: فقدمنا المدينة، فنزلنا في بني الحارث بن خزرج، فوُعكت فتمزّق شعري، فوفى جميمةً، فأتتني أمي أم رومان، وأنا على أرجوحة، ومعي صواحبي، فصرخت بي فأتيتها، لا أدري ما تريد بي، فأخذتْ بيدي حتى أوقفتني على الباب. فقلت: هه هه، حتى ذهب نَفَسي فأدخلتني بيتًا، فإذا نسوة من الأنصار، فقلن: على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن، فغسلن رأسي وأصْلَحْنَني، فلم يَرُعْني إلا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ضحًى. فأسلمتني إليه.
متفق عليه: رواه البخاري في المناقب (٣٨٩٤) ومسلم في النكاح (١٤٢٢) كلاهما عن هشام ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.
وقولها: "جميمة" تصغير جمة وهي الشعر النازل إلى الأذنين ونحوهما أي صار إلى هذا الحد