وقد اتفق الشيخان على تصحيحه، وهما العمدة في التصحيح. إنما الخلاف في الترجيح فرجح الدارقطني رواية الليث، ورجح غيره رواية عمرو بن الحارث الذي ذكر الواسطة بين عبد الرحمن بن جابر وبين أبي بردة. وكله صحيح. وصحّحه أيضا الدارقطني بعد وقوفه على الاختلاف، وجنح إلى ما جنح إليه صاحبا الصحيح والحمد لله رب العالمين.
وله شاهد ضعيف وهو ما روي عن أبي هريرة مرفوعا: "لا تعزروا فوق عشرة أسواط" رواه ابن ماجه (٢٦٠٢) عن هشام بن عمار، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثنا عبّاد بن كثير، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.
وعبّاد بن كثير هو الثقفي البصري ضعيف باتفاق أهل العلم حتى قال أحمد: "روى أحاديث كذب".
• عن ابن عمر أنهم كانوا يُضربون على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتروا طعامًا جزافًا أن يبيعوه في مكانهم حتى يُؤووه إلى رحالهم.
صحيح: رواه البخاري في الحدود (٦٨٥٢) عن عياش بن الوليد، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر فذكره.
• عن عائشة أنها قالت: ما خُيّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما. فإن كان إثما كان أبعد الناس منه. وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تُنتهك حُرمة الله عز وجل.
متفق عليه: رواه مالك في حسن الخلق (٢) عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة فذكرته. ورواه البخاري في المناقب (٣٥٦٠) ومسلم في الفضائل (٢٣٢٧) كلاهما من طريق مالك به.
قال الترمذي بعد أن أخرج حديث أبي بردة الأنصاري (١٤٦٣): "وقد اختلف أهل العلم في التعزير وأحسن شيء روي في التعزير هذا الحديث".
وقال بظاهره أحمد في المشهور عنه، وقال مالك والشافعي: "تجوز الزيادة على العشر".
انظر للمزيد: "المنة الكبرى" (٧/ ٤٠٤ - ٤١٠).
وخلاصته أن التعزير على قدر عظم الذنب وصغره قد يبلغ حد القتل إن كان فساده لا يزول إلا به، وهو ترجيح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لأن الفساد يتجدد ولا نهاية له.
قلت: مثل مهربي المخدرات، ومغتصبي الفتيات، ومروجي الدعارات.
[٢ - باب ما جاء في السحر]
قال الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: ١٠٢].
وقال تعالى: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: ٦٩].