وقال ابن كثير في تفسيره: وفيه غرابة ونكارة، وقد تكلم في إسناده.
قلت: لعله يقصد بالغرابة والنكارة ذكر عتبة بن ربيعة وأبي جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب، والصحيح كما مضى هو أبي بن خلف.
٢ - باب قوله: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (١٦)}
قوله: {سَفَرَةٍ} واحده سافر، ويقال: سفرت؛ أي: كتبتُ، ومنه قيل للكاتب: سافر، وللكتاب: سفر، وجمعه أسفار.
والمراد منه الملائكة الكرام الكاتبون، وقد جاء في الصحيح.
• عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له، مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده، وهو عليه شديد فله أجران".
متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٩٣٧) ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها (٧٩٨) كلاهما من طريق قتادة، قال: سمعت زرارة بن أوفى، يحدث عن سعد بن هشام، عن عائشة، فذكرته. واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم نحوه.
٣ - باب قوله: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٢) فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (٣٣) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)}
وقوله: {وَعِنَبًا وَقَضْبًا} والقضب هو الرطبة.
وقوله: {وَحَدَائِقَ غُلْبًا} أي: غلاظا، عني به أشجار في بساتين غلاظ. والغُلْبُ جمع أغلب، وهو الغليظ الرقبة من الرجال. قاله ابن جرير.
وقوله: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} الفاكهة ما يأكله الناس، والأب ما يأكله الدواب، وهو قول ابن عباس وأصحابه وكثير من التابعين، لأن الله تعالى قال بعدها: أي: الفاكهة لكم، والأب لأنعامكم.
وقوله: {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ} أي: صيحة القيامة، والصاخَّة اسم من أسماء القيامة، سميت بها لأنها تصخُّ الأسماع، أي: تبالغ في الإسماع حتى تكاد تصمها.
وقوله: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} أي: لا يلتفت أحد إلى أحد منهم لشغله بنفسه، كما في قوله تعالى: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}.
• عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تحشرون حفاة عراة غرلا" قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله! الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: "الأمر أشد من