للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- قلت: جئت يا رسول الله من جبل طي أكلَلْتُ مطيتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من حبل إلا وقفتُ عليه! فهل لي من حج؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أدرك معنا هذه الصّلاة، وأتي عرفات قبل ذلك ليلًا أو نهارًا فقد تم حجُّه وقضي تفثه".

صحيح: رواه أبو داود (١٩٥٠)، والترمذي (٨٩١)، والنسائي (٣٠٣٩)، وابن ماجه (٣٠١٦) كلّهم من طريق إسماعيل بن أبي خالد، حدّثنا عامر الشعبيّ، عن عروة بن مضرّس، فذكر الحديث.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". والحديث تقدم في باب وجوب الوقوف بعرفة.

وقد استدل الإمامُ أحمد وغيره بحديث عروة بن مضرس على أن وقت الوقوف من حين طلوع الفجر من يوم عرفة إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، وسوّي بين أجزاء النهار وأجزاء الليل.

وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية عن أكثر الحنابلة مثل أبي بكر، وابن أبي موسى، وابن حامد، والقاضي وأصحابه قالوا: لو وقف بعرفة يوم عرفة قبل الزوال ونفر منها قبل الزوال أساء وحجّه تام، وعليه الدّم.

وأما قول مالك: "أن من دفع قبل الغروب فلا حج له".

فقد قال ابن عبد البر في "التمهيد" (١٠/ ٢١): "ولا نعلم أحدًا من فقهاء الأمصار قال بقول مالك، وهو قد وقف بعد الزوال وبعد الصلاة، ولا روينا عن أحد من السلف؛ فإنّ سائر العلماء قالوا: كلّ من وقف بعرفة بعد الزوال أو في ليلة النحر فقد أدرك الحج، فإن دفع قبل غروب الشمس من عرفة فعليه دم عندهم، وحجّه تام".

[٨٨ - باب السير في هدوء عند الإفاضة من عرفات]

• عن عروة بن الزبير، أنه قال: سُئل أسامة بن زيد وأنا جالسٌ معه: كيف كان يسير رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حجّة الوداع حين دفع؟ قال: كان يسير العَنَق، فإذا وجد فجوةً نصَّ.

قال مالك: قال هشام: والنَّصُّ فوق العَنَق.

متفق عليه: رواه مالك في الحج (١٧٦) عن هشام بن عروة، عن أبيه، فذكره. ورواه البخاريّ في الحج (١٦٦٦) عن عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، به، مثله.

ورواه مسلم في الحجّ (١٢٨٦: ٢٨٣, ٢٨٤) من طرق، عن هشام بن عروة، به، بلفظ: "كيف كان يسير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أفاض من عرفة؟ " فذكره.

قوله: "العنَق" بفتح المهملة والنون هو السير الذي بين الإبطاء والإسراع.

وقوله: "نصَّ" أي أسرع، وأصل النّص غاية المشي، ومنه نصصت الشيء رفعته، ثم استعمل في ضرب سريع من السير. انظر الفتح (٣/ ٥١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>