للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: {حُمِّلُوا} أي كلفوا بما فيها، فلم يفوا بما كلفوا به مثل عدم اتباعهم النبي الذي يأتي لتخليصهم من ربقة الضلال كما حرفوا التوراة حسب أهوائهم وأدخلوا فيها ضلالاتهم.

فقوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} أي فيه دلالة واضحة أنهم لم يقوموا بما يجب نحو كتابهم التوراة.

٣ - باب قوله: {قُلْ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٦) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧)}

أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لليهود: إن كنتم صادقين في زعمكم أنكم على الحق والهدى، وأنكم أولياء الله دون النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فتمنوا الموت ولكنهم لعلمهم أنهم على الباطل لا يتمنون الموت أبدا، ولو أنهم قبلوا هذا التحدي وتمنوا الموت لماتوا، ولرأوا مقاعدهم من النار، كما جاء في الحديث.

• عن ابن عباس قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه، قال: فقال: "لو فعل لأخذته الملائكة عيانا، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا، ورأوا مقاعدهم من النار، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا".

صحيح: رواه أحمد (٢٢٢٦)، وأبو يعلى (٢٦٠٤) - واللفظ له -، والبزار - كشف الأستار (٢١٨٩) مختصرا، كلهم من طرق عن عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: فذكره. وإسناده صحيح.

ورواه البخاري في التفسير (٤٩٥٨) من وجه آخر عن عبد الكريم به، واقتصر على ما يتعلق بقصة أبي جهل فقط، ورواه كذلك من طريق عبيد الله عن عبد الكريم ولكن لم يسق لفظه.

هذه الوقائع وقعت في أوقات مختلفة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - فمنها ما وقع في مكة، ومنها ما وقع في المدينة عند مقدمه - صلى الله عليه وسلم - إليها، ومنها ما وقع في آخر حياته - صلى الله عليه وسلم -، فجمع ابن عباس كلها في سياق واحد مع أنه لم يدرك بعضها.

٤ - باب قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩)}

لقد أوجب الله تعالى صلاة الجمعة على المسلمين شكرا له إذْ هدانا إليها، وجعل لنا هذا اليوم عيدا كما لكل قوم عيد، وشرع فيه الخطبة تذكيرا لهذا الأمر العظيم، وجعل الخطبتين مقام الركعتين من أربع ركعات الظهر، ولذا أمر الإمام أن يخطب قائما كما يصلي قائما، ونهاه أن يطيل الخطبة كما نهاه أن يطيل الصلاة، وشرع له أن يجلس بين الخطبتين جلسة خفيفة كما يجلس بين الركعتين.

إلا أن من فاتتْه الخطبة وكذا من فاتته ركعة من ركعتي صلاة الجمعة فعليه أن يتم الركعة الثانية

<<  <  ج: ص:  >  >>