تنقل الحافظ ابن القيم في "تهذيب السنن" عن الداودي أنه قال: "لم يبلغ مالكًا هذا الحديث، ولو بلغه لم يخالفه".
قلت: وفيه ردٌّ بأنّ عمل أهل المدينة حجة؛ لأنّه قد تخفى عليهم السنن مثل ما تخفى على غيرهم؛ لأنّ جماعة من الصحابة بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خرجوا منها إلى الديار الأخرى للجهاد والدعوة والتعليم والتجارة وغيرها.
٨ - باب سبب النّهي عن صوم يوم الجمعة لأنّه يوم عيد
• عن أبي الأوبر، قال: كنت قاعدًا عند أبي هريرة إذ جاءه رجل، فقال: إنّك نهيت النّاس عن صيام يوم الجمعة؟ قال: ما نهيتُ الناس أن يصوموا يوم الجمعة، ولكني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تصوموا يوم الجمعة فإنه يوم عيد إلا أن تصلوه بأيام".
حسن: رواه أحمد (٨٧٧٣)، وابن حبان (٣٦١٠)، وعبد الرزاق (٧٨٠٦) كلهم من طرق عن عبد الملك بن عمير، عن رجل من بني الحارث بن كعب، يقال له: أبو الأوبر، فذكره. واللفظ لابن حبان.
وإسناده حسن من أجل أبي الأوبر، وترجمته في "التعجيل" في ترجمة زياد الحارثي، كما سماه النسائيّ والدولابي وأبو أحمد وغيرهم.
ووثقه ابن معين، وابن حبان، وصحح حديثه، وقد جزم الحسيني بأنه معروف، ولكنه مشهور بكنيته أكثر من اسمه.
وفيه أيضًا ما رُوي عن أبي هريرة، مرفوعًا: "يوم الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، إلا أن تصوموا قبله أو بعده".
رواه الإمام أحمد (٨٠٢٥)، وابن خزيمة (٢١٦١، ٢١٦٦)، والحاكم (١/ ٤٣٧)، والبزار -كشف الأستار (١٠٦٩) - كلّهم من طريق أبي بشر، عن عامر بن لُدين الأشعري، عن أبي هريرة، فذكره.
وأبو بشر لم يعرف اسمه وهو مجهول، كما قال الذهبي متعقبًا الحاكم في قوله: "صحيح الإسناد إلا أن أبا بشر هذا لم أقف على اسمه، وليس ببيان بن بشر، ولا بجعفر بن أبي وحشية".
وعامر بن لُدين لم يوثقه غير ابن حبان، فهو في عداد المجهولين أيضًا.
٩ - باب النهي عن صوم يوم السبت منفردًا
• عن الصماء بنت بسر، أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا في ما افتُرض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لِحاء عِنبةٍ، أو عودَ شجرة فليمضغه".