[١٧ - باب من قال: لم يقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا رآهم وإنما هم استمعوا قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -]
• عن ابن عباس قال: ما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الجن وما رآهم، انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب. قالوا: ما ذاك إلا من شيء حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء؟ فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها، فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة وهو بنخل - عامدين إلى سوق عكاظ - وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر - فلما سمعوا القرآن استمعوا له، وقالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء فرجعوا إلى قومهم فقالوا: يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدًا، فأنزل الله عز وجل على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} الحديث.
متفق عليه: رواه البخاري في كتاب الأذان (٧٧٣) عن مسدد - وفي كتاب التفسير (٤٩٢١) عن موسى بن إسماعيل - ومسلم في كتاب الصلاة (٤٤٩ - ١٤٩) عن شيجان بن فروخ - كلهم من رواية أبي عوانة، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره .. واللفظ لمسلم.
وأما البخاري فلم يذكر أول كلام ابن عباس وهو قوله: ما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الجن وما رآهم مع أن أبا نعيم في المستخرج رواه عن الطبراني، عن معاذ بن المثنى، عن مسدد شيخ البخاري وذكر فيه كلام ابن عباس كما رواه مسلم عن شيبان بن فروخ، عن أبي عوانة، وكذلك رواه الإمام أحمد (٢٢٧١) عن عفان عن أبي عوانة.
فهل حذف البخاري عمدًا لأنه مخالف لحديث ابن مسعود الذي أثبت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - على الجن وهو مقدم على نفي ابن عباس، أو هكذا وصلتْ إليه رواية مسدد. والأول أولى.
وقد حمل البيهقي - كما في دلائل النبوة - حديث ابن عباس أول ما سمعت الجن قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلمت حاله وفي ذلك الوقت لم يقرأ عليهم ولم يرهم، ثم بعد ذلك أتاه داعي الجن فذهب معه وقرأ عليهم القرآن، ودعاهم إلى الله عز وجل كما في رواية ابن مسعود.
ذكره ابن كثير في تفسير سورة الأحقاف (٧/ ٢٧٤) فصحّ الخبران.
"والنخلة": موضع بين مكة والطائف، وقد يقال لها: بطن نخلة.