للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذي ورد في الحديث يناقض قوله "في النار"، ولم يثبت ذلك في حديث أبي سعيد الذي مضى في أول الباب. فإن المراد بالتأخير ليس تأخير الدخول في النار، بل في رحمته ومغفرته وعظيم فضله كما سبق تفسير ذلك.

[٢٦ - باب ما جاء في تسوية الصفوف]

• عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سَوُّوا صفوفكم، فإن تسويةَ الصفوف من إقامة الصلاة".

متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (٧٢٣)، ومسلم في الصلاة (٤٣٣) كلاهما من حديث شعبة، قال: سمعت قتادة، يحدث عن أنس بن مالك فذكر الحديث. واللفظ للبخاريّ.

وأمَّا لفظ مسلم "فإن تسوية الصَفِّ من تمام الصلاة" فالذي يظهر أن الرواة رووا الحديث بالمعني وفهموا من الحديث أن إقامة الصلاة وتمام الصلاة بمعنى واحد.

• عن أنس قال: أقيمتِ الصلاة، فأقبل علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: "أقيموا صفوفكم وتراصُّوا، فإني أراكم من وراءِ ظهري".

متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (٧١٩)، ومسلم في الصلاة (٤٣٤) كلاهما من أوجه عن أنس بن مالك واللفظ للبخاري.

ولفظ مسلم: "أتموا الصفوفَ، فإني أراكم خلف ظهري".

وفي رواية عند البخاري (٧٢٥): "أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري، وكان أحدنا يُلْزِقُ منكِبَه بمنكب صاحبه، وقدَمه بقدمه.

وفي رواية عبد الرزاق (٢/ ٤٤): "تعاهدوا هذه الصفوف فإني أراكم من خلفي".

قال في الفتح (٢/ ٢١١): قوله: "عن أنس" رواه سعيد بن منصور، عن هُشَيم، فصَرّح فيه بتحديث أنس لحُميد، وفيه الزيادة التي في آخره وهي قوله: "وكان أحدنا .. إلخ، وصَّرح بأنَّها من قول أنس، وأخرجه الإسماعيلي من رواية معمر، عن حُميد بلفظ: قال أنس: فلقد رأيت أحدنا .. إلخ. وأفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبهذا يَتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف وتسويته، وزاد معمر في روايته: ولو فعلت ذلك بأحدهم اليوم لنفر كأنه بغل شموس. انتهى.

وقوله: "تراصُّوا" بتشديد الصاد المهلمة - أي تلاصقوا بغير خلل، ويحتمل أن يكون تأكيدًا لقوله: "أقيموا".

والمراد بقوله: "أقيموا" "سَوُّوا، يقال: أقام العُودَ - إذا عدَّله وسَوَّاه.

وقوله: "إني أراكم من وراءِ ظهري" حمله الجمهور على الحقيقة لما فيه كرامة للنبي - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>