قوله:{وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} أي: لينظر كل واحد منكم ما الذي ادخره لنفسه من الأعمال الصالحة ليوم القيامة، وقد جاء في الصحيح.
• عن جرير بن عبد الله، قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدر النّهار، قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النّمار - أو العَبَاء - متقلِّدي السّيوف، عامتهم من مضر بل كلّهم من مضر، فتَمَعَّر وجهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رأى بهم من الفاقة، فدخل، ثم خرج، فأمر بلالًا فأذّن وأقام، فصلّى ثم خطب فقال:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} إلى آخر الآية: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء: ١]، والآية التي في الحشر:{اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ}. تصدَّقَ رجلٌ من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بُرِّه، من صاع تمره، حتَّى قال:"ولو بشقِّ تمرة". قال: فجاء رجلٌ من الأنصار بصُرَّةٍ كادَتْ كفُّه تَعْجِزُ عنها، بل قد عجزَتْ. قال: ثم تتابعِ النَّاسُ حتَّى رأيتُ كومين من طعام وثياب حتَّى رأيت وجهَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنَّه مُذْهَبَةٌ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سنَّ في الإسلام سنّةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيءٌ، ومن سنَّ في الإسلام سنَّةً سيّئةً كان عليه وزرها ووزرُ من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيءٌ".
صحيح: رواه مسلم في الزكاة (١٠١٧) عن محمد بن المثنى العنزي، أخبرنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عون بن جحيفة، عن المنذر بن جرير، عن أبيه، قال: فذكره.
قوله:{هَذَا الْقُرْآنَ} أي مقدار ما نزل من القرآن.
وقوله:{لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} أي لو كان المخاطب بالقرآن جبلا وهو يفهم الخطاب لتأثر من هذا الخطاب خاشعا لله مع صلابته، ولكن الكافر يعرض عليه القرآن فلا يتعظ به، وكأنه لم يسمعه لقساوة قلبه قال تعالى:{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.
والتصدع هو: التشقق. أي لتزلزل وتشقق من خوف الله تعالى.