للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورجح البيهقي إرساله، وقال: "وقد روينا موصولا من حديث الأعرج، عن أبي هريرة، ومن حديث نافع، عن ابن عمر"، السنن الكبرى (٥/ ٣٣٨).

إِلَّا أن بعض أهل العلم يرون أن عبد العزيز بن أبي حازم احتج به الشيخان، فزيادته مقبولة، ولكن الصحيح ما قاله ابن عبد البر؛ فإن مخالفة ابن أبي حازم لمثل مالك لا تقبل.

والغرر هو كل شيء يغر المشتري ظاهره، وباطنه مجهول وهو لا يدري.

ذكر مالك -رحمه اللَّه- عدة صور من الغرر والمخاطرة، منها أن يعمل الرجل قد ضلت دابته، أو أبق غلامه، وثمن الشيء من ذلك خمسون دينارا، فيقول رجل: أنا آخذه منك بعشرين دينارا، فإن وجده المبتاع ذهب من البائع ثلاثون دينارًا، وإن لم يجده ذهب البائع من المباتع بعشرين دينارًا.

قال مالك: وفي ذلك عيب آخر: إن تلك الضالة إن وجدت لم يدر أزادت أم نقصت، أم حدث بها من العيوب، فهذا أعظم المخاطرة". انتهى.

[٢٤ - باب النهي عن بيع حبل الحبلة، والمضامين، والملاقيح]

• عن عبد اللَّه بن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن بيع حبل الحبلة، وكان بيعا يتابيعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها.

متفق عليه: رواه مالك في البيوع (٦٢) عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر فذكره. ورواه البخاري في البيوع (٢١٤٣) من طريق مالك به مثله.

ورواه مسلم في البيوع (١٥١٤) من وجهين آخرين عن نافع به مختصرًا، ومطولًا.

وقوله: "وكان بيعا يتبايعه أهل الجاهلية" رواه أبو داود (٣٣٨٠)، وغيره عن مالك، ولم يذكروا هذه الزيادة، فلعلهم اقتصروا على المرفوع؛ لأن هذا الكلام مدرج في الحديث، والصحيح أنه من تفسير ابن عمر، كما هو ظاهر من رواية يحيى القطان، عن عبيد اللَّه، أخبرني نافع، عن ابن عمر قال: "كان أهل الجاهلية يتبايعون لحوم الجزور إلى حبل الحبلة. قال: وحبل الحبلة أن تتج الناقة ما في بطنها، ثم تحمل التي نتجت، فنهاهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك". رواه البخاري (٣٨٤٣) عن مسدد، ومسلم عن جماعة، كلهم عن يحيى القطان. فمن قال: إنه من تفسير نافع فلعله لم يقف على هذه الرواية.

وأما المراد بحبل الحبلة فقال النووي في شرح مسلم: "اختلف العلماء في المراد بالنهي عن بيع حبل الحبلة، فقال جماعة: هو البيع بثمن مؤجل إلى أن تلد الناقة، ويلد ولدها. وقال آخرون: هو بيع ولد الناقة الحامل في الحال، وهذا أقرب إلى اللغة". انتهى.

وقال ابن الأثير في النهاية: "الحبل الأول يراد به ما في بطون النوق من الحمل، والثاني حبل الذي في بطون النوق. وإنما نهي عنه لمعنيين: أحدهما أنه غرر، وبيع شيء لم يخلق بعد، وهو أن

<<  <  ج: ص:  >  >>