إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن عامر بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص، فذكره.
وقوله: "إنك لن تخلّف فتعمل عملًا" التخلف هنا طول العمر وكثرة العمل الصالح.
وقوله: "لعلك تخلّف حتى ينتفع بك أقوام": وهذه من المعجزات إذ أنه عاش حتى فتح العراق، ودخل كثير من الناس في دين الله، وتضرر به كثير من الكفار.
وبقاء المهاجر بمكة للضرورة والموت فيها لا يكون محبطًا لأجر الهجرة.
وسعد بن خولة كان من مهاجري الحبشة الهجرة الثانية. وذكر موسى بن عقبة أنه من البدريين وأنه مات بمكة في حجة الوداع فرثى له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. لأنه مات في الأرض التي هاجر منها. ولذلك دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاءًا عامًا يقول: "اللَّهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم".
أي لا يأتيهم الموت وهم في البلد الذي هاجروا منه.
عن عائشة أنها قالت: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وُعك أبو بكر وبلال، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت! كيف تجدك؟ ويا بلال! كيف تجدك؟ قالت: فكان أبو بكر إذا أخذته الحمّى يقول:
كل امرئٍ مصبّح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقيرته ويقول:
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يومًا مياه مجنّة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل
قالت عائشة: فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال: (اللهم! حبب إلينا المدينة كحبّنا مكة أو أشدّ، وصحّحها، وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حمّاها فاجعلها بالجحفة).
صحيح: رواه مالك في كتاب الجامع (١٤) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته.
ورواه البخاري في المناقب (٣٩٢٦) من طريق مالك.
اختلفت الروايات في عدد الأيام التي أقام في قباء. فأكثر من قيل: ثنتين وعشرين ليلة. وأقلها من يوم الاثنين إلى الجمعة. وفي هذه المدة أسس مسجد قباء.
[٣ - باب بدء الهجرة من مكة إلى المدينة]
• عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يومئذ بمكة للمسلمين: "قد أريت دار هجرتكم، أريت سبْخة ذات نخل بين لابتين" وهما الحرتان. فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة وتجهز أبو بكر مهاجرًا. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "على رسلك، فإني أرجو أن