وذلك لتطهير قلوبكم، وتزكية نفوسكم؛ لأنكم تناجون النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، فإن مقامه أعلى وأرفع من أن تناجوه وتطلبون منه التفاته إليكم من دونكم.
يقال: لم يعمل على هذه الآية قبل نسخها إلا علي بن أبي طالب، لمقام ابنته - صلى الله عليه وسلم - عنده، روي عن مجاهد قال: قال علي بن أبي طالب: آية في كتاب الله عز وجل لم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي، كان عندي دينار، فصرفته بعشر دراهم، فكنت إذا ناجيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصدقت بدرهم، فنسخت، ولم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي. ثم تلا هذه الآية:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}.
• عن علي بن أبي طالب أنه قال: لما نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما ترى دينار؟ " قلت: لا يطيقونه. قال:"فنصف دينار؟ " قلت: لا يطيقونه. قال:"فكم؟ " قلت: شعيرة. قال:"إنك لزهيد" قال: فنزلت: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} قال: فبي خفَّفَ الله عن هذه الأمة.
حسن: رواه الترمذي (٣٣٠٠) والنسائي في خصائص علي (١٥٢) وابن حبان (٦٩٤١) كلهم من طريق سفيان الثوري، عن عثمان بن المغيرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن علي بن علقمة، عن علي بن أبي طالب، فذكره.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من هذا الوجه. وقال: ومعنى قوله: شعيرة يعني وزن شعيرة من ذهب. انتهى.
قلت: في إسناده علي بن علقمة الأنماري، روى عن علي وابن مسعود، وعنه سالم بن أبي الجعد، قال ابن المديني:"لم يرو عنه غيره"، وقال البخاري:"في حديثه نظر" وتبعه العقيلي وابن الجارود فذكراه في الضعفاء.
وقد سبق أن حسَّن حديثه الترمذي، وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج حديثه في صحيحه، وقال ابن عدي:"ما أرى بحديثه بأسا، وليس له عن علي غيره إلا اليسير".