[٢ - باب استحباب الوصية لغير الوارث]
• عن ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده".
متفق عليه: رواه مالك في الوصية (١) عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر فذكره. ورواه البخاري في الوصايا (٢٧٣٨) من طريق مالك.
ورواه مسلم في الوصية (١٦٢٧) من أوجه أخرى عن نافع به مثله. وذلك في غير الوارثين.
أما ما روي عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المحروم من حرم وصيته" فهو ضعيف.
رواه ابن ماجه (٢٧٠٠) عن نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا دُرست بن زياد قال: حدثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك فذكره. ودرست بن زياد وشيخه يزيد -وهو ابن أبان الرقاشي- ضعيفان. وكذلك لا يصح ما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم".
رواه ابن ماجه (٢٧٠٩) عن علي بن محمد قال: حدثنا وكيع، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده ضعيف جدا؛ فإن طلحة بن عمرو الحضرمي المكي ضعيف جدا، بل قال الإمام أحمد: "لا شيء، متروك". ومن طريقه رواه أيضًا البيهقي (٦/ ٢٦٩).
وكذلك لا يصح ما روي عن أبي الدرداء، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم".
رواه أحمد (٢٧٤٨٢)، والبزار -كشف الأستار (١٣٨٢) - كلاهما من حديث أبي اليمان، ثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، عن أبي الدرداء فذكره.
قال البزار: "وهذا قد روي من غير وجه، وأعلى من روى في ذلك أبو الدرداء، ولا نعلم له طريقا غير هذا، وضمرة وابن أبي مريم معروفان بالنقل للعلم، واحتمل عنهما الحديث".
كذا قال رحمه اللَّه! وأبو بكر بن أبي مريم هو أبو بكر بن عبد اللَّه بن أبي مريم الغساني الشامي، قد ينسب إلى جده، ضعيف باتفاق أهل العلم، وكان قد سرق بيته فاختلط.
وأما شيخه ضمرة بن حبيب -وهو الزبيدي- فهو كما قال البزار: كان معروفا بالعلم. وثّقه ابن سعد، وقال أبو حاتم: "لا بأس به". وقال العجلي: "شامي ثقة".
وفي الباب أيضًا عن أبي بكر الصديق، ومعاذ بن جبل، وغيرهما، وكلها ضعيفة، وإن كان يقوي بعضها بعضا. وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم، فقالوا: إن الوصية بالثلث لغير الوارثين مستحبة لمن وجد سعة، ولم يرد إضرار الورثة. وذهب الشافعي في القديم، وداود الظاهري إلى وجوب الوصية لغير الوارثين.