للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال: قد علمت الذي عقدت لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك، وإما أن ترد إلي ذمتي، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له. قال أبو بكر: فإني أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار الله، -ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بمكة- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد أريت دار هجرتكم، رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين" وهما الحرتان. فهاجر من هاجر قِبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة، وتجهز أبو بكر مهاجرا، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي" قال أبو بكر: هل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: "نعم" فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر.

صحيح: رواه البخاري في الكفالة (٢٢٩٧) عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عُقيل، قال ابن شهاب: فأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت. وقال أبو صالح: حدثني عبد الله، عن يونس، عن الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة قالت: فذكرته.

[٤ - باب في هجرة أبي بكر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة]

• عن البراء بن عازب يقول: جاء أبو بكر -رضي الله عنه- إلى أبي في منزله، فاشترى منه رحلا، فقال لعازب: ابعث ابنك يحمله معي. قال: فحملته معه، وخرج أبي ينتقد ثمنه، فقال له أبي: يا أبا بكر! حدثني كيف صنعتما حين سريت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق لا يمر فيه أحد، فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه الشمس، فنزلنا عنده، وسويت للنبي - صلى الله عليه وسلم - مكانا بيدي ينام عليه، وبسطت فيه فروة، وقلت: نم يا رسول الله، وأنا أنفض لك ما حولك، فنام، وخرجت أنفض ما حوله، فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة، يريد منها مثل الذي أردنا، فقلت: لمن أنت يا غلام؟ فقال لرجل من أهل المدينة أو مكة. قلت: أفي غنمك لبن؟ قال: نعم. قلت: أفتحلب؟ قال: نعم. فأخذ شاة، فقلت: انفض الضرع من التراب والشعر والقذى، قال: فرأيت البراء يضرب إحدى يديه على الأخرى ينفض، فحلب في قعب كثبة من لبن، ومعي إداوة حملتها للنبي - صلى الله عليه وسلم - يرتوي منها، يشرب ويتوضأ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكرهت أن أوقظه فوافقته حين استيقظ، فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفله، فقلت: اشرب يا رسول الله. قال: فشرب حتى رضيت ثم قال: "ألم يأن الرحيل؟ ". قلت: بلى. قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>