من مات مرابطًا وُقِي فتنة القبر، وأُومن من الفزع الأكبر، وغُدي عليه، وريح برزقِه من الجنة، وكتب له أجرُ المرابط إلى يوم القيامة" وفيه ابن لهيعة وفيه كلام معروف، ولكن تبين من متابعته بأنه لم يختلط في هذا الحديث.
وأما ما رواه ابن أبي عاصم في كتاب الجهاد (٢٩٧)، والطبراني في "الأوسط" (٩٣٠٨) كلاهما من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة مرفوعًا ولفظه: من مات مرابطًا أُجري عليه رزقه من الجنة، ونما له عملُه إلى يوم القيامة، ووُقي فُتَّان القبر".
ففيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيفٌ، ضعَّفه الإمام أحمد والنسائي وأبو زرعة، وقال ابن حبان في المجروحين:"كان يقلب الأخبار، وهو لا يعلم".
وبقية الأحاديث في ذكر الرباط وفضله ستأتي في "كتاب الجهاد".
[١٨ - باب إن الطاعات وقاية من عذاب القبر]
• عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الميت إذا وُضع في قبره إنه ليسمع خَفْقَ نعالهم حين يولون عنه فإن كان مؤمنًا كانت الصلاة عند رأسه، وكان الصيام عن يمينه، وكانت الزكاة عن يساره، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتي من قبل رأسه فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يمينه فيقول الصيام: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يساره فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف إلى الناس: ما قبلي مدخل، وذكر الحديث بطوله.
حسن: رواه ابن حبان (٣١١٣)، والحاكم (١/ ٣٧٩ - ٣٨١)، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (١٥٤) كلهم من طرق، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكر الحديث بطوله، وسبق قبل أبواب.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو، وهو حسن الحديث.
[١٩ - باب إن أرواح المؤمنين يستخبرون عن معارفهم من أهل الأرض]
• عن أبي هريرة، أحسبه رفعه قال: "إن المؤمن ينزل به الموت ويعاين ما يعاين، فود لو خرجت -يعني: نفسه- والله يحب لقاءه، وإن المؤمن يصعد بروحه إلى السماء، فتأتيه أرواح المؤمنين، فيستخبرونه عن معارفهم من أهل الأرض، فإذا قال: تركت فلانا في الدنيا أعجبهم ذلك، وإذا قال: إن فلانا قد مات، قالوا: ما