وقوله: "وأن تمسكه شر لك" أي: إذا أدى ما عليه من الحقوق مثل الزكاة وغيرها، وأمسك الباقي فهو شر له في الآخرة لنقص أجره، وأما في الدنيا فهو مباح له، والمباح ليس بشر.
وقوله: "ولا تلام على كفاف" أي: إن أبقى بعد الزكاة ما يكفيه فلا يلام، وكذلك إن نقص بعد أداء الزكاة فله أن يأخذ الزكاة والصدقات من الآخرين للكفاف وسداد حاجته.
٧٣ - باب قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢)}
قوله: {أَذًى} هو قذر.
وقوله: {أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} أي من الجماع دون إخراجهن من البيوت.
وقوله: {حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} يعني الفرج دون الدبر.
ويقال: إن السائل الذي سأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك كان ثابت بن الدحداح الأنصاري.
• عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم، لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأنزل اللَّه تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} إلى آخر الآية، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا: يا رسول اللَّه! إن اليهود تقول كذا وكذا، أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأرسل في آثارهما، فسقاهما، فعرفا أن لم يجد عليهما.
صحيح: رواه مسلم في الحيض (٣٠٢) عن زهير بن حرب، حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدّثنا حماد بن سلمة، حدّثنا ثابت، عن أنس فذكره.
وقوله: "ولم يجامعوهن في البيوت" أي لم يخالطوهن في البيوت، بل أخرجوهن إلى غرفة منعزلة.
وقوله: "المحيض" الأول: دم الحيض، والثاني: زمن الحيض.
وقوله: "إلا النكاح" أي الجماع.
وقوله: "قد وجد عليهما" أي غضبا عليهما.
وقوله: "لم يجد عليهما" أي لم يغضب عليهما.
وروي عن عكرمة قال: كان أهل الجاهلية يصنعون في الحائض نحوا من صنيع المجوس،