أفضل، لأن هذه النجيبة كانت نفيسة، ولهذا بذل فيها ثمن كثير، فكان إهداؤها إلى الله أفضل من أن يهدي بثمنها عدد دونها، وهذا الذي رجَّحه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوي.
١٠ - باب شراء الهدي في الطّريق وتقليده
• عن نافع، قال: أراد ابن عمر رضي الله عنهما الحجَّ، عام حجّة الحرورية في عهد ابن الزبير رضي الله عنهما، فقيل له: إنّ الناس كائن بينهم قتال ونخاف أن يصدُّوك، فقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [سورة الأحزاب: ٢١] إذًا أصنع كما صنع، أشهدكم أني أوجبتُ عمرة، حتى إذا كان بظاهر البيداء قال: ما شأن الحجّ والعمرة إلا واحد، أُشْهدُكم أني جمعتُ حجّة مع عمرة. وأهدى هديًا مقلَّدًا اشتراه، حتى قدم فطاف بالبيت وبالصّفا، ولم يزد على ذلك ولم يَحْلِل من شيء حرُم منه حتى يوم النحر، فحلق ونحر، ورأى أنْ قد قضى طوافه للحجّ والعمرة بطوافه الأول، ثم قال: كذلك صنع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحجّ (١٧٠٨) من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، به، فذكره.
ورواه مسلم في الحج (١٢٣٠) من طرق عن نافع، به، نحوه، مختصرًا ومطوَّلًا، وليس عنده ذكر التقليد.
وأما ما رُوي عن ابن عمر: "أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - اشتري هديه من قُديد" فهو ضعيف.
رواه الترمذي (٩٠٧)، وابن ماجه (٣١٠٢) كلاهما من حديث بحيي بن اليمان، عن سفيان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
قال الترمذيّ: "هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث الثوري إلا من حديث يحيى بن اليمان. وروي عن نافع، أن ابن عمر اشتري من قُديد، وهذا أصح" انتهى.
قلت: وهو كما قال، فإنّ يحيى بن اليمان قال فيه النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ.
فإنه أخطأ فيه فجعل الحديث مرفوعًا من فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بينما الصواب أنه من فعل ابن عمر، كما في الصحيحين، ولذا قال فيه أبو داود: "يخطئ في الأحاديث ويقلبها".
١١ - باب تقليد الهدي لا يوجب إحرامًا لمن بعث بها إلى الحرم
• عن عمرة بنت عبد الرحمن، أنّ زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة زوج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن عبد الله بن عباس، قال: من أهدى هديًا حَرُم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدى، وقد بعثت بهديي فاكتبي إليَّ بأمركِ، أو مُري صاحب الهدي. قالت