من طريق أنس أنه دخل على عائشة هو ورجلٌ معه فقال لها الرّجل يا أم المؤمنين، حدثينا عن الزلزلة، فقالت: "إذا استباحوا الزنا، وشربوا الخمر، وضربوا بالمغاني، وغار الله عَزَّ وَجَلَّ في سمائه فقال للأرض: تزلزلي بهم. فإن تابوا ونزعوا، وإلا هدمها عليهم. قال: قلت: يا أم المؤمنين، أعذاب لهم؟ قالت: بل موعظة ورحمة وبركة للمؤمنين، ونكال وعذاب وسخط على الكافرين".
قال أنس: ما سمعت حديثًا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا أشد فرحا مني بهذا الحديث.
[٣٧ - باب فضل من مات بالطاعون]
• عن حفصة بنت سيرين قالت: قال لي أنس بن مالك: بم مات يحيى بن أبي عمرة؟ قالت: قلت: بالطاعون، قالت: فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الطاعون شهادة لكل مسلم".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الطب (٥٧٣٢)، ومسلم في الإمارة (١٩١٦) كلاهما من طريق عبد الواحد بن زياد، حَدَّثَنَا عاصم، عن حفصة بنت سيرين فذكرته.
• عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "المبطون شهيد، والمطعون شهيد"
متفق عليه: رواه البخاريّ في الطب (٥٧٣٣)، ومسلم في الإمارة (١٩١٥) كلاهما من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة فذكره. واللّفظ للبخاريّ.
• عن أبي عسيب مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتاني جبريل بالحمى، والطاعون، فأمسكتُ الحمى بالمدينة، وأرسلتُ الطاعون إلى الشام، فالطاعونُ شهادةٌ لأمتي، ورحمةٌ، ورِجْسٌ على الكافر".
حسن: رواه أحمد (٢٠٧٦٧)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٤٦٦)، والطَّبرانيّ في الكبير (٢٢/ ٣٩١) كلّهم من طريق يزيد بن هارون، حَدَّثَنَا مسلم بن عبيد أبو نُصيرة قال: سمعت أبا عسيب مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره.
وإسناده حسن من أجل مسلم بن عبيد فإنه حسن الحديث.
قال الهيثميّ في "المجمع" (٢/ ٣١٠): "رواه أحمد والطَّبراني في الكبير، ورجال أحمد ثقات".
وقوله: "فأمسكتُ الحمى بالمدينة وأرسلتُ الطاعون إلى الشام" الحكمة في ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - لما دخل المدينة كان في قلة من أصحابه عددا ومددا، وكانت المدينة وبئة، فخُيِّرَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين فاختار الحمى حينئذ لقلة الموت بها غالبًا بخلاف الطاعون، ثمّ لما احتاج إلى جهاد الكفار ورأى الحمى تُضْعِفُ أجسادهم دعا بنقل الحمى من المدينة إلى الجحفة. انظر: فتح الباري لابن حجر (١٠/ ١٩١).