وجملة القول إنه لم يثبت في هذا الباب إلا حديث أبي هريرة، وهو حسن، كما سبق، وهذه الشواهد تقويه. وفيه دليل على أن هذا الحديث وهو "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" له أصل ثابت.
[٤ - باب الإجارة على عمل لمدة نصف يوم]
• عن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنهما- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"إنما مثلكم واليهود والنصارى كرجل استعمل عمالا، فقال: من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ فعملت اليهود على قيراط قيراط، ثم عملت النصارى على قيراط قيراط، ثم أنتم الذين تعملون من صلاة العصر إلى مغارب الشمس على قيراطين قيراطين، فغضبت اليهود والنصارى، وقالوا: نحن أكثر عملا وأقل عطاء. قال: هل ظلمتكم من حقكم شيئا؟ قالوا: لا. فقال: فذلك فضلي أوتيه من أشاء".
صحيح: رواه البخاريّ في الإجارة (٢٢٦٩) عن إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثني مالك، عن عبد اللَّه بن دينار مولى عبد اللَّه بن عمر، عن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب فذكره.
[٥ - باب الإجارة على عمل لمدة يوم كامل]
• عن أبي موسى، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قوما يعملون له عملا يوما إلى الليل على أجر معلوم، فعملوا له نصف النهار، فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجرك الذي شرطت لنا، وما عملنا باطل. فقال لهم: لا تفعلوا، أكملوا بقية عملكم، وخذوا أجركم كاملا. فأبوا، وتركوا. واستأجر آخرين بعدهم، فقال لهم: أكملوا بقية يومكم هذا، ولكم الذي شرطت لهم من الأجر، فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا: لك ما عملنا باطل، ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه، فقال لهم: أكملوا بقية عملكم؛ فإن ما بقي من النهار شيء يسير. فأبوا، فاستأجر قوما أن يعملوا له بقية يومهم، فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس، واستكملوا أجر الفريقين كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور".
صحيح: رواه البخاريّ في الإجارة (٢٢٧١) عن محمد بن العلاء، حدّثنا أبو أسامة، عن بُريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى فذكره.