فقد رواه الحاكم (١/ ٣٠٢)، والبيهقي (٢/ ٤٧٨) كلاهما من طريق حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج، أخبرني سليمان بن موسى، ثنا نافع أن ابن عمر كان يقول: من صلَّى من اللَّيل فليجعل آخر صلاته وِترًا، فإنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك، فإذا كان الفجرُ فقد ذهب صلاةُ اللَّيلِ والوِترُ، لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أوتروا قبل الفجر".
قال الحاكم: "صحيح الإسناد".
قلت: وليس كما قال، فإنَّ ابن جريج وإن صرَّح بالإخبار، فانتفت عنه تُهمة التدليس. ولكن آفته سليمان بن موسى، فإمَّا أنه اختلط عليه، أو أنَّه سمع ابن عمر هكذا مرَّة يرويه مرفوعًا، وأخرى موقوفًا مستنبطًا من قول النبي صلى الله عليه وسلم فهو موافق لما رواه مسلم "وبادروا الصبح بالوتر".
وأما قول الترمذي وروي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا وِتر بعد صلاة الصبح" فهو ضعيفٌ جدًّا، رواه ابن نصر في كتاب الوتر (٦٩) وعبد الرزاق (٤٥٩١) كلاهما من طريق أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا وتر بعد الفجر"، وأبو هارون العبدي هو: عُمارة بن جُوَين، أصحاب الحديث لا يحتجون بروايته، وهو ضعيف جدًّا، وقد رَموه بالكذب.
قال ابن نصر: "هذا حديثٌ لو ثبت لكان حجَّةً لا يجوز مخالفته غير أن أصحاب الحديث لا يحتجون برواية أبي هارون العبدي".
وهو كذلك فإن أبا هارون العبدي ضعيف جدًّا. ولكن ثبت من حديث أبي سعيد الخدري أنه "من أدركه الصبح ولم يوتر فلا وتر له" وهو حديث صحيح، فيحمل هذا على من تعمد ترك الوتر حتى أدركه الصبح.
[١١ - باب ما جاء في قضاء الوتر]
• وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن وتره، أو نسيه فليصله إذا أصبح أو ذكره".
صحيح: رواه أبو داود (١٤٣١) عن محمد بن عوف، حدثنا عثمان بن سعيد، عن أبي غسان محمد بن مطرف المدني، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد فذكره. وإسناده صحيح.
وأخرجه الحاكم (١/ ٣٠٢)، وعنه البيهقي (٢/ ٤٨٠) من وجه آخر عن عثمان بن سعيد (بن كثير بن دينار) عن أبي غسان به مثله.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين".
قلت: هذا الإسناد أصح ما روي به هذا الحديث.
وله أسانيد أخرى ضعيفة منها ما رواه الترمذي (٤٦٥)، وابن ماجه (١١٨٨) كلاهما من حديث