أهل العلم: إنّما هو ابن عبد الملك الحمرانيّ، وهو ثقة فقيه، والصواب هو الأوّل.
فيه أيضًا الحسن البصري وهو مدلِّس وقد عنعن، وإن كان ثبت سماعه من عثمان بن أبي العاص، كما قال البزّار. انظر: نصب الراية (١/ ٩٠).
وبناء على هذا الحديث، ذهب الحنفية إلى أن أخذ الأجرة على التأذين حرام، وكرهه الشافعية، وأكثر أهل العلم على أن الذي يحرم هو إذا كان الأذان مشروطًا بالأجرة، وإن أُعطي بغير مسألة فلا حرج في ذلك، مثل أن يكون الأمر معروفا بين المؤذنين والمؤسّسات الإسلامية.
[١٦ - باب بين كل أذانين صلاة]
• عن عبد الله بن مغفل المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بين كل أذانين صلاة" قالها ثلاثًا: قال في الثالثة: "لمن شاء".
وفي رواية: قال في الرابعة "لمن شاء".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأذان (٦٣٤)، ومسلم في صلاة المسافرين (٨٣٨) كلاهما من طريق عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن المغفل فذكر الحديث. والرّواية الثانية عند مسلم.
وقوله: "بين كل أذانين" أي: أذان وإقامة.
قال الخطّابي: أراد بالأذانين - الأذان والإقامة، حمل أحد الاسمين على الآخر، كقولهم: الأسودين: التمر والماء، وإنما الأسود أحدهما: وكقولهم: سيرةُ العمرين، يريدون أبا بكر وعمر، ويحتمل أن يكون الاسم لكل واحد منهما حقيقة، لأن الأذان في اللغة: الإعلام، فالأذان إعلام بحضور الوقت، والإقامة أذان بفعل الصّلاة. انتهى.
وقد جاء استثناء إِلَّا المغرب في بعض الروايات في غير الصحيحين وهي زيادة شاذة مخالفة لما رواه الحفاظ، ذكره الحافظ في الفتح (٢/ ١٠٨) وعزاه للبزار وهي من رواية حبان بن عبيد الله، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه مثله، وقال: رواية حيان - وهو بفتح المهملة والنحتانية - شاذة؛ لأنه وإن كان صدوقًا عند البزّار وغيره، ولكنه خالف الحفاظ من أصحاب عبد الله بن بريدة في إسناد الحديث ومتنه. ثم قال: وقد نقل ابن الجوزي في الموضوعات عن الفلاس أنه كذَّب حيَّانًا المذكور.
• عن أنس بن مالك قال: كان المؤذِّن إذا أذّن قام ناس من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يبتدرون السواري حتَّى يخرج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وهم كذلك يُصَلُّون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء.
وقال عثمان بن جبلة وأبو داود عن شعبة: "لم يكن بينهما إِلَّا قليل".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأذان (٦٢٥) من طريق شعبة قال: سمعتُ عمرو بن عامر الأنصاريّ، عن أنس بن مالك فذكر الحديث.